مقالات

بعد سقوط الأسد وعودة السوريين: كيف سيتأثر اقتصاد لبنان؟

بعد سقوط الأسد وعودة السوريين: كيف سيتأثر اقتصاد لبنان؟

لطالما كانت العلاقات الاقتصادية السورية – اللبنانية رهينة الانسجام والتقاطع السياسي أو تناقضه. يذكر التاريخ الكثير من المرات التي أقفل فيها الحكم السوري الحدود مع لبنان، وقطع الطريق على صادراته الصناعية والزراعية إلى العمق العربي، وخصوصا الخليج، انتقاما لموقف سياسي، أو لممارسة ضغوط على لبنان ودفعه إلى تبديل تموضع أو موقف سياسي مستجد. وعلى الرغم من ذلك، كان الشريان السوري للعمق العربي، ولا يزال ضرورة حتمية للاقتصاد اللبناني، ومصدرا مهما لميزان المدفوعات، ولاستمرار ربط السوق اللبنانية بأسواق العالم العربي.

تناقض النظامين اللبناني والسوري، طوال نصف قرن بين سوريا الاشتراكية ولبنان الليبرالي، لم يسمح بإقامة مصالح واستثمارات مشتركة إلا بعد عام 2000، وبعد صدور قوانين في سوريا تسمح بدخول استثمارات جديدة.
في المقابل، ليس خافيا أن عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بعد سقوط نظام الأسد، إلى جانب نزوح المواطنين اللبنانيين بسبب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، تنذر بتداعيات اقتصادية عميقة على لبنان.

الباحث في الشؤون الاقتصادية والنقدية محمد فحيلي، يتوقع أن يؤدي رحيل اللاجئين السوريين إلى “تغييرات كبيرة في سوق العمل اللبنانية، ولاسيما في القطاعات التي اعتمدت على مساهماتهم. وتاليا قد يساهم ذلك في فقدان العمالة المنخفضة التكلفة، فيما ستحتاج الشركات إلى توظيف عمال لبنانيين وإن بأجور أعلى، بما قد يقلل من البطالة بين السكان المحليين. لكنّ ارتفاع الأجور سيؤثر على القدرة التنافسية للشركات اللبنانية، ولاسيما في الزراعة والبناء، حيث تنتشر هوامش الربح الضئيلة”.

إلى ذلك، تقدم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات أخرى مساعدات مالية وصحية وتعليمية للاجئين، بما يحفز الاقتصاد اللبناني في شكل غير مباشر. وعودة عدد كبير من اللاجئين إلى بلادهم، ستخفض في رأي فحيلي “الاستهلاك المرتبط بالمساعدات.

في سوق الايجارات، تشكل عودة اللاجئين السوريين المتزامنة مع تشريد المواطنين اللبنانيين بسبب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تداعيات معقدة على سوق الإسكان في لبنان. ويرجح فحيلي أن يؤثر رحيل اللاجئين السوريين على سوق إيجار الوحدات السكنية، ولاسيما في قطاع العقارات المنخفضة التكلفة، بما قد يؤدي إلى انخفاض قيم العقارات في المناطق المتضررة.

من المعروف أن السوريين عنصر أساسي في القوى العاملة الزراعية الموسمية في لبنان. وقد تؤدي عودتهم في رأي فحيلي التي قد تكون دائمة هذه المرة، إلى “ترك المزارعين يتدافعون للعثور على مصادر بديلة للعمالة، بما سيخفض الإنتاجية أو خسائر المحاصيل”.

يعتبر البعض أن رحيل اللاجئين السوريين سيجلب فوائد اقتصادية معينة، ويخفف الضغوط على الخدمات العامة (الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية) ويحد من التوترات الاجتماعية، وتاليا يؤدي إلى بيئة أكثر ملاءمة للتعافي، بيد أن فحيلي يؤكد أن رحيل السوريين سيخفف حتما حدة التوترات الاجتماعية الناشئة عن التنافس المتصور على الوظائف والموارد والخدمات. في المقابل، يؤكد فحيلي أن سوريا المستقرة يمكن أن تفتح آفاقا لزيادة التجارة مع لبنان، على نحو سيفيد الشركات اللبنانية في الخدمات اللوجيستية والتصنيع والزراعة. عدا عن ذلك، فإن الاستقرار الإقليمي وإعادة إعمار سوريا لديهما القدرة على تحفيز الاستثمار وإقامة شراكات اقتصادية تعود بالنفع على لبنان وشركاته، عبر فرص استثمارية، وشراكات الاقتصادية، خصوصا للشركات اللبنانية التي تعمل في البناء والهندسة وسلسلة التوريد”.

سلوى بعلبكي- “النهار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce