خاص انفينيتي نيوز – علاء بلال

مرت 6 سنوات على انتخاب رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، ومع كل استحقاق رئاسي تبدأ المشاحنات السياسية، والاختلاف حول هوية الرئيس الجديد، الذي سيقود البلاد في المرحلة القادمة. وقد اصبحت هذه المرحلة تشكل كابوسا للبنانيين، في ظل تكرار سيناريو تعطيل البلد، وصعوبة التوصل لاتفاق، وسط الانقسام الحاد بين الكتل النيابية، وعدم وجود أغلبية قادرة على ايصال رئيس وتعذر الحوار.

ان الفترة التي سبقت انتخاب عون رئيسا، بقي الكرسي الرئاسي شاغرا لاكثر من سنتين بسبب التعطيل ومع وصوله الى سدّة الرئاسة، واجه موجة عنيفة خارجيا وداخليا لما حدث من انهيار في البلد خلال عهده.

وبالفعل وبعد فترة قصيرة من تولي عون الرئاسة، بدأت الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان، لتأتي بعدها الأزمة الصحية العالمية “كورونا” لتزيد من صعوبة الموقف. وقد حملت ولاية الجنرال معها الانهيار الذي دق اخر مسمار في نعش لبنان، عداء غربيا، خلاف مع الدول العربية، انعزال لبنان في نهاية المطاف عن محيطه، العربي منه خاصة.

رحل “الرئيس” تاركا ورائه جزء بسيط من لبنان المنهار، ومع مرور أكثر من 4 اشهر على الفراغ الرئاسي، لا تزال الأطراف السياسية تمارس النكد السياسي، ولا وجود لاتفاق على اسم مرشح موحد يتلاقى عنده جميع الأطراف اللبنانيين. ترمى الأسماء عشوائيا ويتم التصويت في مجلس النواب بهدف استنزاف الوقت، هي لعبة وقت يمارسها أطراف النزاع الممثل بالثنائي الذي تبنى البارحة رسميا ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، لما يرى فيه من مؤهلات ومميزات، وبين الكتائب والقوات الذين تبنوا ترشيح ميشال معوض، الذي لم يتمكن حتى الان من الحصول على عدد 65 صوتا في مجلس النواب.

وفي الكواليس الديبلوماسية، قد طرح ايضا اسم العماد جوزف عون، لكن ظهر خلال الايام الماضية اقتراح بالبحث عن اسماء جديدة لم يتمّ طرحها بعد كبديل احتياطي، كون الاسماء التي ظهرت أخيراً يميناً ويساراً في الاعلام احترقت. ولكن هذا الاقتراح لم يتبلور جدّياً بعد.

وفي ظل انهيار الليرة، وارتفاع الاسعار، ورفع الدعم، وكل المشاكل التي يعاني منها لبنان، لم تتحرك الأطراف السياسية، ولم تتنازل وتدعو الى جلسات حوار، كونها السبيل الوحيد لبحث الافكار والخلافات وطرح الحلول، الامر الذي دعا المجتمع الدولي الى التحرّك، حيث أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أنه لا يمكن للأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يحلّا محل القادة السياسيين اللبنانيين، وأن هناك برلمانا منتخبا، والقادة سواء في لبنان أو في أي بلد، يحتاجون إلى تحمل مسؤولياتهم، وأبدى انزعاجه من غياب التعاون بين الأطراف السياسية اللبنانية على نحو أفضى إلى فراغ رئاسي، في وقت يحتاج فيه لبنان إلى خطوات سريعة وحاسمة لمعالجة أزماته الاقتصادية والمالية والإنسانية المتفاقمة.

على نحو اخر، ان قضية دعم لبنان ماليا من البنك الدولي والدول المانحة، مرتبطة بتقديم اصلاحات جذرية داخل النظام السياسي والمالي وانتخاب رئيس للجمهورية، والمجتمع الدولي تحرك أكثر من أي وقت مضى للمساهمة بحل الخلافات الداخلية اللبنانية، في ظل عدم تمكن الاطراف السياسية من حلها، وبدأت الاجتماعات والزيارات بين الدول لبحث سبل الحلول واتصالات بين واشنطن – باريس، خاصة أن ليست من مصلحة الدول زعزعة الاستقرار والأمن في لبنان، وأيضا فإن لبنان يتأثر بالأجواء المحيطة به، وانشغال العالم بالحرب الروسية-الأوكرانية أخر مساعي الغرب، وبخاصة في ظل وجود اكثر من موضوع يشغل العالم حاليا.  
وقد حمل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الملف اللبناني الى المحافل الدولية وأخذ على عاتقه تحمل هذه المسؤولية التي من الممكن أن تكون ضمن اطار المصالح الفرنسية المستجدة حيال شرق البحر الابيض المتوسط، وبعضها الآخر بسبب الحضور اللبناني في الوجدان الفرنسي، وبعضها الاخير بسبب سعي ماكرون إلى إنجازات يكتبها في سجله الرئاسي وتسمح له بتعزيز موقعه السياسي داخل فرنسا وفي الشرق الاوسط.

ومنذ ايام معدودة، وتحديداً في 13 من الشهر الجاري، وجّه ثلاثة اعضاء في الكونغرس الاميركي رسالة رسمية إلى وزير الخارجية انتوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يالين، للمطالبة برفع مستوى الضغط الديبلوماسي لمساعدة لبنان على حلّ أزمته. ووقّع الرسالة نائبان عن الحزب الجمهوري وهما داريل عيسى ودارين لحود، ونائب عن الحزب الديموقراطي وهي ديبي دينجل، في اشارة إلى انّ هذه المسألة تحظى بإجماع الحزبين. وتعتقد الادارة الاميركية انها يمكن ان تساعد في إنهاء الجمود من خلال تكثيف الضغوط الديبلوماسية، مطالبة محاسبة اولئك الذين يواصلون عرقلة العملية الديموقراطية، والسعي للدفع نحو تحقيق مطالب المجتمع الدولي بما في ذلك الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة تعمل على تحقيق الاصلاحات المطلوبة.

يبقى الوضع في لبنان حاليا كما هو عليه، تقاذف تهم، وخلافات سياسية، وانتقال الكرة من ملعب الداخل الى الخارج، الى حين ان ترسو المباراة على فائز بالمقعد الرئاسي لينتشل لبنان من الدوامة التي دخل فيها ولم يخرج. فالوضع المالي والمعيشي لم يعد يحتمل دفع لخروج عدد كبير من الشباب اللبناني خارج لبنان، المتعلم منهم خاصة لايجاد حياة افضل.

Share.
Exit mobile version