تزول الانظمة ويبقى وجع الامهات
تزول الانظمة ويبقى وجع الامهات بقلم رئيس التحريرانفينيتي نيوز وفاء فواز
هاقد رأى النور ثانية بعد ثلاثين عاما ، ابن السبعة عشر عاما الذي خُطف من امام منزله بسبب صورة قام بنزعها من على عمود كهرباء خشبي قديم …هو الآن شبه حي نصف ميت فقط يتنفس في زنزانة انفرادية ..لربما نسي الحروف والكلمات ، الألوان والأشكال، الأشجار والورود ، النهر والبحر ..كل شيء عدا صورة امه التي تلهث وراءههم ، تتمسك بنعالهم عساهم يرحموه … أما الام فقد امست نصف عمياء جراء دموع مُزجت بدمٍ على صاحب العيون السوداء الجميلة ..كان لهذه الام محادثة يومية مع الله ليبقي لها ما تبقى من نظر وطورا مع عزرائيل عساه يمنحها يوما آخر لتقر عيونها برؤية ابنها قبل أن تغمضهما إلى الأبد…
أما في الشارع الآخر ، تجلس أمٌ أخرى تشاهد التلفاز بحيرةٍ وذهول بينما ترى شعبا كاملا يفرح بسقوط الأسد وتجلس بقربها صورة (علي ) ابن السبعة عشر عاما ايضا ، فقد غادر علي إلى سوريا برفقة شبان القرية منذ عقد من الزمن وعادوا من هناك نعوشا محمولة يرافقها عكس الطبيعة ورود وزغاريد ..كانت أم علي فخورة به ولو كان القلب يعتصر دما ولكن عند رؤية السجون في صيدنايا دار بينهما حديث طويل …
أرحلت عني يا حبيبي لتبقى هذه السجون لعشر أعوام أخرى ، ألم تشهد تخرجك من الثانوية لتبقى هذه النسوة سجينات ، هل دفنتك بيدي لأرى النساء والأطفال يتعرضن للاغتصاب والتعذيب ومن يمت بين يدي السجانين توضع جثته في مكبس الجثث ؟؟!! لا لا يا أمي كفاك عتابا فقد قالوا لنا إن سقط هو سيحل محله الإرهاب وأن أبانا الأكبر لا ولن يسمح بذلك …ولكن ..مهلا .. لقد سمح وبارك هذا السقوط ايضا.. فلماذا متنا إذن ….
هو حال الأمهات في لبنان إما شهيد وإما فقيد وإما غريق في مراكب الهجرة وإما مهاجر ..وتتوالى الانظمة ويبقى شبابنا وقود لحروب لا دخل لنا فيها ، يغذيها الزعماء برموز دينية غابت منذ اكثر من الف عام …