في نيسان 2011، وقبل 13 عامًا، شهد البيت الأبيض حدثًا غير عادي كان له تأثير بعيد المدى على السياسة الأميركية والعالمية. ففي ذلك الوقت، كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يقف أمام حشد من الحضور والإعلام في “عشاء مراسلي البيت الأبيض”، ليقوم بهجوم لاذع على رجل الأعمال والملياردير دونالد ترامب، الذي كان حينها أحد الشخصيات البارزة في الإعلام الأميركي بفضل برنامجه التلفزيوني الشهير “ذا أبرنتس”.

أوباما، في تقليد سنوي يُعرف بممارسة السخرية اللاذعة ضد الشخصيات العامة، لم يتوانَ عن توجيه انتقادات لاذعة لترامب، بل سخر من نظرياته المختلفة، ومن محاولاته المتكررة للظهور في وسائل الإعلام، وقد كانت هذه اللحظة بمثابة عرض كوميدي ساخر على حساب ترامب أمام حشد من الصحافيين والسياسيين، وبينما كان أوباما يمزح ويضحك الجمهور بسخريته، جلس ترامب في المقعد المخصص له، يراقب الموقف بغضب واضح، مما بدا وكأنه لحظة تحمل في طياتها غضبًا شخصيًا عميقًا.

لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو أن هذه السخرية العلنية من أوباما كانت بمثابة نقطة التحول في حياة ترامب السياسية.

ووفقًا لما ذكره مستشار ترامب السياسي في ذلك الوقت، روجر ستون، فإن هذا العشاء كان “لحظة محورية” في حياة ترامب، حيث قرر بعدها بشكل جاد أن يدخل معترك السياسة.

وأكد ستون في تصريحات له لبرنامج “فرونتلاين” أن تلك السخرية حفزت ترامب بشكل كبير، وجعلته يقرر الترشح للرئاسة بهدف الرد على الإهانات التي تعرض لها، وأنه أراد أن يثبت للجميع قدرته على تحقيق النجاح في مواجهة خصومه.

ومن ثم، بعد أقل من عامين، وفي حزيران 2015، أعلن ترامب رسمياً ترشحه للانتخابات الرئاسية الأميركية في خطوة شكلت بداية لرحلة سياسية غير تقليدية، انتهت بفوزه في انتخابات 2016 وصعوده إلى البيت الأبيض، وعلى الرغم من السخرية التي تعرض لها في ذلك العشاء، تبين أن ترامب استغل هذه التجربة لتحقيق أكبر انتصار سياسي في حياته.

اليوم، وبعد مرور أكثر من عقد على تلك الليلة، يعيش ترامب نشوة الانتصار في ولاية ثانية محتملة، ما يعكس تأثير تلك اللحظة الفارقة التي شكلت أحد المحفزات الرئيسية لقراره بدخول عالم السياسة.

Share.
Exit mobile version