تحالف ماسك – ترامب تحت مجهر بكين… هل يهدد توسّع “تسلا” في الصين؟
إيلون ماسك يواجه ضغوطاً اقتصادية وسياسية متزايدة في الصين بسبب دعمه العلني لدونالد ترامب، مما قد يهدد توسع “تسلا” في السوق الصينية.
إيلون ماسك يواجه ضغوطاً اقتصادية وسياسية متزايدة في الصين بسبب دعمه العلني لدونالد ترامب، ما قد يهدّد توسّع “تسلا” في السوق الصينية.
تراقب الصين عن كثب تطوّرات العلاقة بين إيلون ماسك والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، خاصةً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركيّة. ومع تزايد الحديث عن إمكانية عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تتصاعد المخاوف من انعكاسات هذا التحالف المحتمل على العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبكين.
ماسـك ودعمه لترامب: لغز اقتصاديّ
وأعرب إيلون ماسك، مؤسس شركة “تسلا” و”سبايس إكس”، عن دعمه العلني لترامب خلال حملته الانتخابية، حيث تبرع بأكثر من 100 مليون دولار لحملته. وهذا الدعم يُعتبر مثيراً، خصوصاً في الصين، التي تُعدّ سوقاً حيوية لأعمال ماسك التجارية. يُنظر إلى ماسك في الصين كشخصية محبوبة، حتى أنّ البعض يعتبره وسيطاً مستقبلياً بين واشنطن وبكين على نشق وزير الحارجية الأميركي الراحل هنري كيسنجر. ولكنّ ارتباط ماسك بترامب – الذي دعم سياسات “فكّ الارتباط” وزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية – يثير تساؤلات حول دوافعه.
يُعزى هذا التناقض إلى محاولة ماسك موازنة مصالحه الاقتصادية الواسعة مع استراتيجيات سياسية قد تتعارض معها. وفقًا لجيا تشينغقو، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة بكين، فإنّ دعم ماسك لترامب يبدو غير منطقي، حيث أنّ سياسات ترامب التجارية قد تُلحق ضرراً كبيراً بأعمال ماسك في الصين.
مخاوف اقتصادية وضغوط سياسيّة
إذا فاز ترامب بالانتخابات، يتوقّع البعض أن يسعى لفرض رسوم جمركية صارمة تصل إلى 60 في المئة على المنتجات الصينية. هذا التوجّه قد يعزّز التباعد بين الولايات المتحدة والصين ويشكّل ضغطاً كبيراً على شركات مثل “تسلا” التي تعتمد على السوق الصينية بنسبة عالية من مبيعاتها. فقد أعلنت الشركة مؤخراً أنّها باعت نحو 181,883 سيارة في الصين خلال الربع الثالث من العام، وهو ما يعادل 40 في المئة من مبيعاتها العالمية، ما يجعل السوق الصينية ركيزة أساسية لأرباح الشركة.
وبالرغم من اعتماد “تسلا” على السوق الصينية، فإنّ ارتباط ماسك بترامب قد يعرّضه لمخاطر سياسية في بكين، حيث ينظر إلى هذه العلاقة بحذر. علاوة على ذلك، فإنّ تصريحاته حول قضايا حساسة مثل “عدم الانفصال” بين الولايات المتحدة والصين قد تُفسّر في بكين كنوع من محاولة تبديد المخاوف الصينية.
دور الصين في توسّع أعمال ماسك
منذ افتتاح مصنع “تسلا” في شنغهاي عام 2019، حظيت الشركة بوضع خاص في الصين، حيث سُمح لها بامتلاك المصنع بالكامل دون الحاجة إلى شريك محلي. وقد أضافت الصين هذا العام مصنعاً جديداً لتسلا في شنغهاي، ما سيعزّز قدرة الشركة على إنتاج وحدات تخزين طاقة “ميغا باك” في المنطقة. ومع هذا التوسع، يضع ماسك رهانات كبيرة على استمرار علاقته الجيدة بالصين لتعزيز تواجد “تسلا” في السوق.
تنافس متصاعد
في ظلّ تزايد المنافسة في سوق السيارات الكهربائية، تجد “تسلا” نفسها في مواجهة شركات صينية رائدة مثل “BYD” التي سجلت إيرادات ربع سنوية أعلى من “تسلا” لأول مرة. كما أن تطلعات الصين لإنشاء بنية تحتية لتكنولوجيا الفضاء قد تعزّز المنافسة مع “سبايس إكس” و”ستارلينك”، وتفرض ضغوطاً إضافية على ماسك للبقاء في دائرة الرضا الصيني.
قضايا حسّاسة وتوتّرات سياسيّة
لم يقتصر تأثير أعمال ماسك في الصين على الجوانب الاقتصادية، بل امتد إلى قضايا سياسية، حيث أثار قراره بفتح معرض “تسلا” في منطقة شينجيانغ استياء جماعات حقوقية بسبب المزاعم بشأن الانتهاكات بحقّ الأقليات المسلمة هناك، وهو ما تنفيه بكين. من جهة أخرى، أعرب ماسك مواقف من تايوان، وهو موضوع حساس بالنسبة للصين، وقد أثار هذا التصريح استحساناً لدى المسؤولين الصينيين، لكنّه أثار قلقاً في تايوان والولايات المتحدة.
هل يصبح ماسك جسراً بين الولايات المتّحدة والصين؟
يُعبّر البعض عن أملهم في أن يلعب ماسك دوراً في تهدئة التوتّرات بين البلدين، خاصةً وأنّه أعرب علناً عن رفضه لفكرة “فكّ الارتباط” بين البلدين، وأبدى معارضته للرسوم الجمركية التي تهدّد أعماله. ومع ذلك، فإنّ التحدّيات المتصاعدة في ظلّ السياسات المتشدّدة التي يتبنّاها ترامب قد تجعل من الصعب على ماسك المحافظة على هذا التوازن الحسّاس.
في النهاية، يبقى السؤال حول مدى قدرة ماسك على التوفيق بين علاقته بترامب والحفاظ على مصالحه التجارية في الصين مفتوحاً.