كتب جويل رياشي في “الانباء الكويتية”:

أجبرت الحرب الحالية مئات الآلاف من اللبنانيين على النزوح، ولم يجد الكثيرون منهم سبيلا سوى الاقامة في مراكز إيواء ضمن مناطق تعتبر «أكثر أمانا». وفي ظل الحاجات المتنامية، برزت مبادرات فردية كمصدر رئيسي لمساعدة النازحين كل بحسب إمكاناته، في ظل تأثير متزايد لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعمل مؤثرون وناشطون في إطلاق مبادرات من خلال منصاتهم.

«الأنباء» تواصلت مع ثلاثة ناشطين لا يألون جهدا لمساعدة «أهلنا النازحين» كما يحلو لهم تسميتهم.

يعترف الصحافي غسان سعود الذي «شغله مشهد النزوح عن المشهد السياسي» انه لم تكن لديه أي خبرة في هذا النوع من المبادرات، ولكن «الظرف حتم علي ان أكون على الأرض والا افكر مرتين في هذا الامر. قلت لنفسي فقط: خليني شوف شو فيي اعمل».

وعما يميز المبادرة الفردية عن العمل الجماعي او المؤسسي، يقول: «انا كفرد قادر على التواصل مع جميع الأطراف والجمعيات والأحزاب والجهات. بعض الناس يرتاحون في التبرع لأفراد يثقون بهم أكثر منه لجهات معينة».

اختار غسان منطقة المتن كونه نسج فيها علاقات مع رؤساء البلديات والنافذين من خلال عمله الصحافي وحيث حركته سهلة ويعرف اهل المنطقة وهم يعرفونه. وهو يقر بأنه يستخدم اليوم هذه العلاقات «للماكسيموم» لتلبية حاجات النازحين. ويعطي مثالا على ذلك: «من التحديات التي واجهتني ان اتلقى مثلا نقلة كبيرة من المواد الغذائية ولا مكان لدي لتسلمها وتفريغها. ثم وجدت حلا لهذه المشكلة بعدما تواصلت مع كنائس المنطقة التي وضعت صالاتها في التصرف لتخزين التبرعات ريثما يتم توزيعها على مراكز الايواء. ثم تعرفت على المطابخ التي تهتم بإطعام الأهالي بشكل يومي، فصرت كلما حصلت على مواد غذائية حولتها مباشرة الى أحد المطابخ لاستخدامها في تحضير الوجبات الساخنة».

وعن التحديات أيضا تحدث عن الجانب الشخصي: «بعض المتبرعين من الذين يتابعونني على السوشيال ميديا يودون تسليمي تبرعاتهم شخصيا لكي نتعرف ونتحدث قليلا. لذلك يجب ان أكون حاضرا طوال الوقت للتواصل المباشر مع المتبرعين».

وشدد على أهمية التنسيق بين الجمعيات والمبادرات الفردية وتقاسم المهمات: «في وقت قصير جدا، تعلمنا الكثير. صرنا نفكر بما سيحصل بعد أسبوعين. الاستباق مهم. اليوم مثلا نفكر كيف سنؤمن المياه الساخنة بعد أسبوعين عندما يبرد الطقس»، مشيرا الى احدى السيئات في هذا الإطار وهي «تحسس بعض الجمعيات من التنسيق فيما بينها».

ولدى سعود فكرة يود تحقيقها قريبا «ولكنها تتطلب أيضا تنظيما مسبقا وإدارة جيدة» وهي «أن نجمع الأولاد النازحين بأولاد المنطقة في لقاءات تعارف وانشطة رياضية، لأنها فرصة – نتمنى الا تتكرر- للالتقاء والتقارب».

«حققنا الكثير»

اما الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي غنى غندور فتقول لـ «الأنباء» ان تحركها بدأ بشكل عفوي وفردي «من شدة تأثري بما حصل ولضخامة المأساة التي حلت بنا جميعا كبلد وشعب. قررت ان أساعد بشكل مباشر في مراكز إيواء النازحين».

وأشارت ⁠الى ان «عملي على الأرض أعطى ثقة لمتابعيني على مواقع التواصل للمساعدة والتبرع. هم تأكدوا أن تقدماتهم ستصل بأمانة تامة»، مشيرة الى «اننا ⁠حققنا الكثير حتى اليوم وفي كل المناطق. وانا أتوجه بالشكر لكل الاخوة المغتربين والعرب لوقوفهم معنا وأيضا أشكر الاخوة الكويتيين من إعلاميين ومواطنين على الدعم الإعلامي والعيني منذ بداية الحملة التي أطلقتها».

وأكدت «تخطي أكبر التحديات بالتعاون المشترك مع موقع «واصل أون لاين» الموثوق لتغطية كافة احتياجات العائلات النازحة وفي كافة مناطق لبنان علما ان التحديات تكبر كل يوم مع استمرار الحرب وزيادة أعداد النازحين ودخولنا فصل الشتاء».

شعور بالمسؤولية

من جهته، قال الممثل الكوميدي ومقدم البرامج جاد بو كرم الذي يعمل مع فريق «ع كعبا» الكوميدي على جمع مساعدات للنازحين ان «الدافع الأساسي وراء مبادرتنا هو الشعور بالمسؤولية تجاه مجتمعنا والتزامنا بدورنا الاجتماعي والفني على حد سواء. المبادرة الفردية تسمح بمرونة أكبر وسرعة في الاستجابة للاحتياجات الملحة دون الحاجة إلى الإجراءات البيروقراطية التي قد تواجهها المؤسسات والجمعيات الكبرى. كما أن التفاعل المباشر مع النازحين يعزز التواصل ويخلق روح تضامن أعمق».

وتحدث عن التحديات التي واجهت الفريق وأبرزها «جمع الموارد وتنسيق الدعم في ظل الموارد المحدودة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجه الجميع. للتغلب على هذه العقبات، اعتمدنا التواصل المباشر مع الداعمين من أفراد المجتمع المحلي وجمهورنا، ما ساعدنا على تأمين التبرعات اللازمة والاستمرار في تقديم المساعدة».

وأضاف: «نحرص على التعاون مع جمعيات محلية ومبادرات أخرى تتشارك الهدف ذاته، ونقوم بتنسيق الجهود لضمان توزيع المساعدات بشكل فعال وتوسيع نطاق الدعم ليصل إلى أكبر عدد ممكن من النازحين».

وعن حادثة اثرت به خلال حملة المساعدات:«لا ننسى عندما جاءنا طفل في التاسعة من عمره ومعه حقيبة مليئة بالسكاكر بالإضافة الى 200 ألف ليرة يريد ان يتبرع بها الى طفل نازح».

وعن كيفية استجابة المبادرة لاحتياجات النازحين المتغيرة باستمرار، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية في لبنان، قال: «نحن نعمل على تقييم الاحتياجات بشكل دوري من خلال زيارات ميدانية وتواصل مستمر مع العائلات المستفيدة. هذا يساعدنا على تعديل نوعية المساعدات لتلبية المتطلبات الملحة، سواء كانت غذائية، صحية أو حتى نفسية…».

 

Share.
Exit mobile version