لبنان بين الاستشراس الإسرائيلي وإنكار “الحزب” الجبهة تتمدّد نحو الجولان

تتجه مجريات الحرب التي أطبقت بكل شراستها على لبنان نحو مزيد من فصول تصعيدية إرتسمت معالمها بوضوح أمس، أولاً من خلال اقدام إسرائيل على مزيد من المجازر بين المناطق المأهولة في ما ينذر ليس فقط بتراكم الحصيلة المخيفة للشهداء والمصابين بل أيضاً بإشعال حساسيات وإشكالات ومخاوف وحتى فتنة بين النازحين وأهالي المناطق التي نزحوا اليها، وثانياً من خلال المواقف “القديمة المتجددة” التي أعلنها “حزب الله” معيداً عبرها ربط لبنان بغزة ومنذراً بتعميم الحرب وتعميقها في ما يُعدّ ذروة سياسات الإنكار التي سترتب مزيداً من الانفصام والازدواجية بين مواقف “الدولة” ومواقف الحزب.

ومع أن لبنان الرسمي ينخرط في حملة دبلوماسية، بل في تعبئة واسعة لاجتذاب التأييد الدولي لمشروع وقف سريع للنار، فإنه وجد نفسه محاصراً بين نيران الاستشراس الإسرائيلي لحسم حرب التصفية ضد “حزب الله” غير آبه في التمييز بين جبهة قتالية ومناطق مأهولة ومدنية، فارتكب ويرتكب مجازر يومية في سائر انحاء لبنان، كما تعمدت إسرائيل أمس الإعلان عن زج فرقة عسكرية خامسة على الحدود مع لبنان في وقت تتعاقب مؤشرات تسارع “القضم البري” المتدرج ولو ببطء وسط استمرار المقاومة الشرسة لـ”حزب الله” على امتداد الخط الحدودي.

ووجد لبنان نفسه أيضاً في موقع الحرج الكبير مجدداً بإزاء الخطاب المنفصل عن الانسجام المزعوم بين الحكومة و”حزب الله”، إذ أن الأخير بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في إطلالته الثالثة أمس بعد اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، وإن يكن “عرض” على الإسرائيليين وقف النار، لم يجد حرجاً في تجاهل سائر اللبنانيين مجدداً في مضيه قدما نحو تصعيد الحرب وربطها بحرب غزة. ومع أن قاسم وضع إلى جانب علم الحزب للمرة الأولى العلم اللبناني وصورة السيد حسن نصرالله، صوّر المعركة بأنها معركة “الدفاع عن لبنان كله”، وواصل تبرير استمرار الحزب في المواجهات العسكرية ووعد جمهوره بـ”النصر”.

وأكد “أنه مقابل استهداف الإسرائيلي لكل لبنان، فإن “حزب الله” سيستهدف كل نقطة في الكيان الإسرائيلي”. وخاطب مباشرة “الجبهة الداخلية الإسرائيلية” قائلاً إن “الحلّ في وقف إطلاق النار، ولا نتحدث من موقع ضعف، وبعد وقف إطلاق النار بحسب الاتفاق غير المباشر، يعود المستوطنون إلى الشمال وترسم الخطوات الأخرى. أما مع استمرار الحرب، فستتزايد المستوطنات غير المأهولة، ولا تصدقوا أقوال مسؤوليكم عن قدراتنا وانظروا بأعينكم إلى قتلى جيشكم وجرحاه وما يقولونه لكم أقل من الحقيقة”. وأكد أن “الحزب قوّي رغم الضربات القاسية، واستعدنا عافيتنا الميدانية ورممنا قدراتنا التنظيمية، ووضعنا البدائل”.

ووسط تصعيد مجريات الحرب تُعقد اليوم في بكركي قمة روحية استثنائية برئاسة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ومشاركة رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية. وأفادت معلومات أن مشروع بيان يحظى مبدئياً بموافقة جميع رؤساء الطوائف قد أُعد بعد مشاورات كثيفة تحضيرية أجريت لعقد القمة بعد إزالة العقبات التي اعترضت انعقادها سابقاً وأن مشروع البيان سيتضمن المناداة بوقف النار وتنفيذ القرار 1701 وتولّي الجيش واليونيفيل الأمن الكامل وفق القرار وإدانة الاعتداءات والمجازر الإسرائيلية في لبنان، وسيكون البيان متوافقاً مع الموقف الرسمي للدولة.

وفي المواقف العربية البارزة من الوضع في لبنان طالب الرئيس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في ختام محادثاتهما أمس في القاهرة ببدء خطوات للتهدئة تشمل وقف النار في قطاع غزة ولبنان ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة. وأكدا ضرورة احترام سيادة لبنان وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه.

إلى ذلك اعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أنها ستزور لبنان الجمعة المقبل، وشدّدت على أن “انسحاب اليونيفيل بناء على طلب أحادي من إسرائيل سيكون خطأ فادحاً وسيقوّض صدقية الأمم المتحدة”.

غير ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “رفض إسرائيل لوقف نار آحادي الجانب في لبنان لأنه لا يغيّر الوضع الأمني”.

التصعيد والحصيلة

على الصعيد الميداني أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة أمس أن الحصيلة الإجمالية للشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان ارتفعت حتى أول من أمس الاثنين إلى2350 والجرحى إلى 10906 من ضمنهم 11 شهيداً و48 جريحا يوم الاثنين الماضي.

وتعرّضت منطقة مدافن رياق أمس لقصف جوي عنيف أدى الى تدميرها وتدمير مبنى سكني في حي الجامع وسقوط ستة شهداء من عائلة همدر. وأصدر النائب جورج عقيص بياناً لافتاً قال فيه “إننا عراة أمام غدر القدر الذي يضعنا بين مكر من يحتمي بالأموات وبين همجية من يقصفهم من دون اعتبار لحرمة الموت”.

وفي معالم اتساع التصعيد في العمليات الميدانية أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن فرقة عسكرية خامسة بدأت تشارك في العمليات البرية في جنوب لبنان.

كما نقلت “رويترز” أن إسرائيل بدأت بإزالة الألغام قرب الجولان ما يشير إلى جبهة إسرائيلية أوسع ضد “حزب الله”. وأفادت صحيفة” معاريف” أن الجيش الإسرائيلي بدأ بالقضاء على عناصر الوحدة 127 في “حزب الله” بعد الهجوم على قاعدة غولاني.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية مساء أمس عن خسائر في البنى التحتية ومنازل واندلاع حرائق واسعة في المطلة عقب سقوط 10 صواريخ أطلقت من لبنان.

المصدر: النهار

Share.
Exit mobile version