خطر حقيقي يحوم بقوة هذه المرة حول قلعة بعلبك، مهدداً معالمها ومعابدها بفعل الضربات الإسرائيلية المتكررة في محيطها والتي تثير شكوكاً حول نيّة طمس واحد من أهم المراكز التاريخية في العالم، بعد تنفيذ غارات لا تبعد أكثر من 250 متراً عن النطاق الأثري، فهل فعلاً أثّرت هذه الضربات على المجمع التاريخي القديم والمعابد والأعمدة؟.

‎كثرت أخيراً بعض الأحاديث والفرضيات في “الأوساط البعلبكية” عن إمكانية قيام إسرائيل بمزيد من الضربات المحاذية للقلعة، منها تحذير رئيس بلدية المدينة مصطفى الشل من حصول ارتجاجات كبيرة في القلعة عموماً والأعمدة الستة خصوصاً (رمّمتها بعثة إيطالية العام الفائت) حين نُفّذت الضربة الأقوى لمنطقة البساتين غربي القلعة، وهنا نتحدث عن أقرب نقطة للقلعة استُهدفت حتى الآن، وهي 250 متراً كخط نار، وفق قوله.

‎وإذ يؤكد الشل لـ”النهار”، أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة جرت ضمن الإطار الأثري المتعارف عليه للقلعة، يشير أيضاً إلى أنها حصلت في اتجاهين، اتجاه الجنوب، في حيّ الواد وحيّ الجبلية، واتجاه الغرب في حيّ البساتين، أي كلها في محيط القلعة، وهي ضمن المناطق التي يُمنع فيها البناء كي لا يؤثر على أساسات القلعة.

‎ويذكّر الشل بأن حيّ الواد، في مدخل بعلبك الجنوبي، يُعدّ منطقة أثرية وفيه معلم حجر الحبلى، كذلك حيّ الجبلية الذي ضُرب أمس، ويبعد عن القلعة 500 متر فقط.

‎بحسب مصادر في وزاة الثقافة لـ”النهار”، لبنان من الدول الموقّعة على اتفاقية لاهاي لحماية المواقع الأثرية في النزاعات المسلحة، والبروتوكول يسمح بالحماية المعززة وتم التوقيع عليه سنة 2019، وقد وضعت الوزارة على المواقع الأثرية كافة “الدرع الأزرق”، ومنها قلعة بعلبك، وهو ما يفرض على الجيوش العالمية خلال خوض المعارك التقيّد به وعدم الاعتداء، ومحمي ضمن اتفاقيات الأونيسكو.

‎ولجهة القصف الإسرائيلي الأخير، يشير المصدر إلى أنه ليس ببعيد عن القلعة، ولم يؤدّ إلى أضرار مباشرة، ولكن “البناء الحجري القديم يثير مخاوف من حصول تفسّخ واهتزاز وارتجاجات، لكن لا يمكن التأكد منه إلا من خلال تقييم عملي على الأرض ومعاينة القلعة من قبل خبراء، وبتقنيات محددة، لمعرفة حجم التأثير، وطرق المعالجة”.

‎وكان وزير الثقافة محمد وسام المرتضى قد وجّه كتاباً إلى منظمة الأونيسكو عرض من خلاله خطر الهجمات التي قامت بها إسرائيل بالقرب من قلعة بعلبك وطالبها بإجراء ما يلزم وبالتقدّم بالشكاوى أمام المراجع المختصّة.

‎القلعة الأثرية، تعود خصوصاً إلى الحقبة الرومانية، مدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة التربية والعلم والثقافة التابعة للأمم المتحدة “يونيسكو”.

‎غارات مماثلة قريبة ستؤثر قطعاً على القلعة، سواء لناحية قوة الانفجار أو من الدخان الأسود، وبالتأكيد الارتجاجات المستمرة، وفق معنيين، حتى لو لم تُستهدف مباشرة، لتبقى القلعة وأعمدتها صامدة بانتظار نهاية للحرب.