دعوةٌ من “العفو الدولية” بشأن هجوم أجهزة الاتصالات في لبنان وسوريا
دعت منظمة العفو الدولية إلى إجراء تحقيق دولي لمحاسبة مرتكبي التفجيرات الجماعية المتزامنة التي استهدفت أجهزة إلكترونية في لبنان وسوريا، التي أسفرت عن مقتل 37 شخصاً، وإصابة حوالي ثلاثة آلاف بجروح.
وقالت المنظمة الحقوقية، في بيان أمس السبت، قبيل اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة التفجيرات: “إذا ثبتت مسؤولية إسرائيل، فإن هذه الهجمات تكون قد وقعت في سياق نزاع مسلح قائم تُشير الأدلة إلى أن أولئك الذين خططوا لهذه الهجمات ونفّذوها لم يتمكنوا من التحقق من هوية الأشخاص الآخرين المتواجدين في محيط تفجير الأجهزة والذين سيتضررون وقت حدوث الانفجار، أو حتى ما إذا كان المقاتلون فقط قد حصلوا على أجهزة البيجر واللاسلكي”.
بالتالي، ستكون هذه الهجمات “نُفذت بشكل عشوائي، مما يجعلها غير قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، وينبغي التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب. كما انتهكت الهجمات أقلّه الحق في الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الساري في حالات النزاع المسلح، والأرجح حقوقاً أخرى من حقوق الإنسان، بحسب الآثار المختلفة للهجوم على اللبنانيين وحياتهم اليومية”.
ومنذ 17 سبتمبر الحالي زادت وتيرة الصراع بين إسرائيل وحزب الله، بعد موجة تفجيرات لأجهزة الاتصالات اللاسلكية “البيجر” كانت بحوزة عشرات المنتسبين في الحزب اللبناني والعاملين في مؤسساته، أثناء تواجدهم في مناطق مختلفة عامة وخاصة في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت.
وأثناء تشييع القتلى في اليوم الذي تلاه، حدثت الموجة الثانية من التفجيرات ولكن هذه المرة أصابت أجهزة “آيكوم” مملوكة لعناصر من حزب الله، لتسفر عن مقتل وجرح العشرات.
جهات إسرائيلية وأميركية بالإضافة لتقارير إعلامية دولية وتحقيقات صحفية عدة أكدت تورّط إسرائيل في الهجوم، بينما لم تعلن الأخيرة رسمياً مسؤوليتها، في حين تصاعد القصف المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مما أسفر عن عشرات القتلى والإصابات من الطرفين، أبرزهم القيادي في الحزب إبراهيم عقيل ومجموعة مما يُعرف بـ”وحدة الرضوان”.
والأربعاء الماضي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن “مرحلة جديدة” من الحرب مع لبنان قد بدأت، وأشاد بـ”الإنجازات الممتازة” للأمن والاستخبارات الإسرائيلية، وهو تصريح فُسّر على أنه اعتراف ضمني بدور إسرائيل في الهجمات، كما أشارت السلطات اللبنانية ومسؤولون أميركيون إلى اعتقادهم بأن إسرائيل دبّرت الهجمات.
بدورها، قالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “التفجيرات الجماعية التي وقعت في مختلف أنحاء لبنان وسوريا في الأيام الأخيرة دمغة كابوس مرير وشرير” فاستخدام أجهزة متفجرة مخبأة داخل أجهزة اتصالات تُستعمل يومياً لشن هجمات مميتة على هذا النطاق “أمر غير مسبوق”، وفق تعبيرها.
وأضافت “حتى ولو كانت الهجمات تنوي استهداف أهداف عسكرية، فإن تفجير آلاف الأجهزة في اللحظة نفسها من دون القدرة على تحديد موقعها الدقيق أو هوية حمَلَتِها وقت الهجوم يدل على تجاهل صارخ للحق في الحياة ولقوانين النزاع المسلح”.
ويحظر القانون الدولي الإنساني الاستهداف العشوائي للمدنيين، أي الهجمات التي لا تميّز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، كما يحظر استخدام نوع الأفخاخ المتفجرة التي يبدو أنها استُخدمت في هذه الهجمات.
كما يحظر استخدام الأفخاخ المتفجرة، أو غيرها من الأجهزة التي تستخدم جهازا “على شكل أشياء محمولة تبدو غير ضارة ومصممة ومصنوعة خصيصا لاحتواء مواد متفجرة”، وفقًا للبروتوكول الثاني المعدل لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن أسلحة تقليدية معينة.
أيضاً، يحظر القانون الدولي العرفي أعمال العنف التي تهدف في المقام الأول إلى نشر الرعب بين السكان المدنيين.
وأكدت كل من محكمة العدل الدولية واللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ولجنة الدول الأميركية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن “الالتزامات بمعاهدة حقوق الإنسان تنطبق من حيث المبدأ على سلوك أي دولة خارج أراضيها”، كما ذكر بيان “العفو”.
بحسب مجذوب “ينبغي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتخذ جميع التدابير المتاحة له لضمان حماية المدنيين وتجنب المزيد من المعاناة التي لا داعي لها. ويجب إجراء تحقيق دولي على وجه السرعة لإظهار الحقائق وتقديم الجناة إلى العدالة”.