طرحت دعوة حزب التجمع الوطني اليميني الفرنسي المتطرف إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية جديدة في 2025، مخاوف من ظهور أزمة سياسية جديدة قد تعصف بالبلاد.

وجاءت دعوة اليمين المتطرف وسط تحذيرات من أن الوضع السياسي الحالي لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، الذي ربما يخرج عن السيطرة، فيما يرى محللون سياسيون فرنسيون، أن دعوة زعيمة الحزب، مارين لوبان، تعكس إستراتيجية مدروسة، لتعزيز الفرص الانتخابية للتجمع الوطني، ووصولها لسدّة الرئاسة في فرنسا، في ظل حالة الإحباط المتزايدة تجاه الطبقة السياسية التقليدية.

نقاط انتخابية

وقال المحلل السياسي الفرنسي جاك دوبون، لـ”إرم نيوز”، إن “مارين لوبان تسعى للاستفادة من نقاط الضعف المحتملة في حكومة رئيس الوزراء “ميشيل بارنييه”، لتعزيز موقف التجمع الوطني، استعداداً للانتخابات القادمة، موضحاً أنه قد يُنظر إلى الحل المبكر للجمعية كــ “إقرار بفشل الحكومة الحالية”، وهو ما يصب في مصلحة التجمع الوطني”.

وخلال اجتماع مع البرلمانيين من التجمع الوطني، يوم السبت، عبّرت مارين لوبان عن أملها في أن يشهد صيف أو خريف 2025، حلاً جديداً للبرلمان، كما أعربت عن شكوكها حيال قدرة الحكومة الجديدة التي يقودها بارنييه على الاستمرار لفترة طويلة.

وانتقدت لوبان اختيار بارنييه، المنتمي إلى حزب الجمهوريين، والذي حل في المركز الرابع في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لتشكيل الحكومة.

وقالت لوبان: “لا يمكن أن يستمر الوضع على هذا النحو”، مشيرة إلى أنها تأمل في أن تكون ولاية بارنييه “أقصر فترة ممكنة”. وبحسب دوبون، تعكس هذه التصريحات، الاستياء المتزايد داخل التجمع الوطني تجاه القيادة الحالية للبلاد.

وفي اجتماعها مع 126 نائبا من حزبها، بمقر البرلمان، أشادت لوبان أيضاً بالموقع الذي يحتله التجمع الوطني، معتبرةً إياه “أكثر مركزية وأهمية من أي وقت مضى”.

ورغم تأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه لا ينوي حلّ الجمعية الوطنية قبل انتهاء ولايته، أكدت لوبان أن حزبها في حملة انتخابية بالفعل.

وقال دوبون، إن “التجمع الوطني يخطط لعقد سلسلة من الاجتماعات الشهرية، بدءاً من أكتوبر المقبل بقيادة رئيس الحزب، جوردان بارديلا، ومن المقرر أن يقام أول اجتماع في 6 أكتوبر، في مدينة نيس.

إعادة تنظيم داخلي

وأشار دوبون، إلى أنه، من ناحية أخرى، يستعد التجمع الوطني، لإعادة هيكلة تنظيمه الداخلي؛ لتجنب الأخطاء التي حدثت في الحملات السابقة.

وأكد رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا، على ضرورة مراجعة إجراءات اختيار المرشحين، لتفادي التصريحات المثيرة للجدل، التي أثّرت سلباً على صورة الحزب في الانتخابات الأخيرة.

ويقوم التجمع الوطني، بتشكيل فريق جديد للحملة الانتخابية للانتخابات البلدية والتشريعية، مع أهداف واضحة، تتمثل باختيار “577” مرشحاً بحلول مارس / آذار 2025، استعداداً للانتخابات القادمة.

ووفقاً للباحث السياسي الفرنسي، فإن إعادة التنظيم الداخلي، تهدف إلى تعزيز إستراتيجية “التطبيع” للحزب، مع تجنب الفضائح التي شوّهت حملاته السابقة، لافتاً إلى أن تسمية مديري حملات اثنين، واحد للانتخابات البلدية وآخر للتشريعية، مؤشر على تصميم التجمع الوطني على تحسين إستراتيجيته وتقوية تحضيراته للانتخابات المقبلة.

من جهته، قال الباحث السياسي في معهد العلوم السياسية في باريس، أوليفييه دوفو، لـ”إرم نيوز”، إن “تصريحات زعيمة حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف في فرنسا، بحل البرلمان الفرنسي، يمكن أن تكون جزءاً من مسعى أكبر لتحقيق أهداف سياسية معينة”.

ووفقاً للباحث السياسي الفرنسي، فإنه من بين الأسباب المحتملة لدعوة “لوبان” لحل البرلمان، الرغبة في “الحكم السياسي”، موضحاً أنه إذا كان الحزب في موقع قوي، فإن حل البرلمان قد يكون وسيلة لتعزيز السيطرة السياسية.

وتابع: “قد يهدف ذلك إلى إعادة الانتخابات في فترة ملائمة لتحقيق نتائج أفضل”.

كما أن حالة الجمود أو الصراع السياسي في البرلمان الفرنسي، قد تدفع “لوبان”، إلى الدعوة لحل البرلمان في محاولة لحل الأزمة السياسية، بحسب دوفو.

ووفقا للباحث السياسي الفرنسي، فإن الترويج لأجندة لوبان بحل البرلمان وإعادة الانتخابات قد يتيح لها فرصة لتعزيز أجندتها السياسية وأهداف حزبها، بما في ذلك تنفيذ سياساته بشكل أكثر فعالية.

وأما عن الإطار القانوني لإمكانية ذلك، فقالت الخبيرة الدستورية آن شارلين بيزينا، لـ”إرم نيوز”، إن “حل البرلمان في فرنسا للمرة الثانية خلال عام ليس من صلاحيات الرئيس بشكل مباشر، بل هو قرار يتخذ بناءً على الممارسات الدستورية، وقد يتطلب دعوة من رئيس الجمهورية أو مشاورات سياسية أخرى”، وفق تعبيرها.

وعن تداعيات حل البرلمان، رأت آن شارلين بيزينا، أنه إذا تم الحل فسيحتاج الفرنسيون إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد، والانتخابات المقبلة قد تؤدي إلى تعزيز موقف لوبان، أو قد تأتي بنتائج تعارض توجهاتها.

كما أن حل البرلمان مرة أخرى، قد يؤدي إلى فترة من عدم الاستقرار السياسي، حيث تحتاج البلاد إلى إجراء انتخابات جديدة، وتشكيل حكومة جديدة، وقد يكون لذلك تأثير سلبي على الاقتصاد والأنظمة السياسية الأخرى، بحسب الخبيرة الدستورية

Share.
Exit mobile version