أكد خبراء ومحللون مختصون في الشأن الأمريكي، أن انتخابات الرئاسة الأمريكية دخلت في مرحلة جديدة بعد المناظرة الأخيرة بين الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية كاملا هاريس، وذلك لعدة أسباب.
وفي مقدمة تلك الأسباب أن حملة ترامب بدأت بإعادة حساباتها بعد الأداء الذي قدمه المرشح الجمهوري في المناظرة، وأظهر تفوق هاريس وفق الاستطلاعات التي تلت اللقاء، الأمر الذي دفع ترامب إلى رفض مناظرة أخرى مع هاريس للنأي بنفسه عن تكرار الأخطاء والوقوف عند هذا الحد والحفاظ على النقاط المكتسبة كونه يعتبر القبول بمناظرة أخرى هزيمة واعترافا بتفوق هاريس، وفق تفسيرهم.
وفي السياق يرى الخبير المختص في الشأن الأمريكي الدكتور خالد شنيكات، أن السبب الأول لرفض ترامب مناظرة ثانية مع منافسته هاريس متعلق بالمناظرة الأولى معها، مشيراً إلى أنه من الواضح أن ترامب خسر في اللقاء الأول وفق استطلاعات الرأي، وثانيا فإن هاريس عرفت إستراتيجية منافسها في المناظرات ونقاط ضعفه، وكيف تضعه في وضع “لا يُحسد عليه” وقادرة على استفزازه لذلك ظهر مشتتاً، ولم يكن أداؤه متماسكا كمان كان في مناظرته الأولى مع بايدن فهو لا يريد تكرار الخطأ ما لم تكن النتيجة في صالحه.
الحفاظ على المكاسب
وأضاف شنيكات في حديثه لـ “إرم نيوز”، أن ترامب عكس الأمر، وقال إنه فاز ولا يريد تكرار الفوز، ولو لم يكن كذلك لما طلبت منه هاريس لقاء آخر بحسب اعتقاده، والحقيقة ليست كذلك لأن المعيار لنجاح أي مناظرة أو فشلها هو الرجوع إلى استطلاعات الرأي والحكم عليها.
وبين شنيكات أن الهامش بين ترامب وهاريس ليس كبيرا، وهذا يؤثر في سلوك الناخبين، ويريد ترامب أن يحافظ عليه وتقليصه لضمان فوزه، ومن ثم فإنه ليس مستعداً للمغامرة بمناظرة غير مضمونة النتائج، ويخشى تكرار الأخطاء التي حصلت في مناظرته مع هاريس، وأراد أن يسير على طريقته بناء على رأي مستشاريه على الأغلب لتقليل الفجوة والضغط بقوة في الولايات المتأرجحة.
ومن جانبه بين المحلل السياسي الدكتور عمر الرداد، أنه ومنذ إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن انساحبه وإعلان هاريس ترشحها كان واضحاً أن التنافس قد اختلف مع ترامب، وأن قادة حملته بدأوا يحسبون الأمر بطريقة أخرى، مشيراً إلى أن الاستطلاعات متقاربة بالنسبة للناخبين وحتى اللحظة ما زال لكل منهما مؤيدوه، ويتنافسان على “الأغلبية الصامتة”.
تنافس مختلف
وأكد الدكتور الرداد لـ “إرم نيوز” أن ترامب كان يطمح أن تكون مناظرته مع هاريس كما كانت مع بايدن، والتي لربما تسببت لحد كبير في انسحاب الأخير، موضحاً أن هاريس حققت ما يمكن وصفه بالفوز بالنقاط على ترامب وهو ما أثبتته الاستطلاعات، رغم أن كلا المرشحين لا يزالان يواجهان صعوبات رغم امتلاكها نقاط قوة.
وأضاف الرداد: “أعتقد أن ترامب وفريقه بعد المناظرة يتولد لديهم مزيد من المآزق التي قد تضعف فرصته في ظل قوة هاريس، وربما أي مناظرة قادمة ستحقق لهاريس مزيداً من الاستقطابات ونقاط القوة.
وقال المحلل السياسي المحامي معاذ أبو دلو: “أعتقد بأنه ما بعد مناظرة ترامب الثانية مع الديمقراطيين أن هاريس هي من تفوقت، وذلك لعدة عوامل منها الحضور الذهني والإجابة المباشرة والرد الفوري، لكن ترامب يحاول جاهداً الترويج لنفسه بأنه من فاز لذلك لا يريد أن يجري مناظرة ثانية حتى لا يزلّ مجدداً أو يخطئ، ووفق تقديري بأن الكفة ترجح لهاريس بحسب المناظرة والاستطلاعات”.
وأضاف أبو دلو لـ “إرم نيوز” أن مستشاري ترامب وضعوا مرشحهم في صورة نتائج المناظرة، وأخبروه بضرورة الابتعاد عن المناظرات الوجاهية المباشرة كون هاريس تتفوق بشكل واضح وبارز للعيان؛ مما يقلل نسبة المناصرين له، ويعرضه لخسارة مزيد من النقاط.
آراء متباينة
المحلل السياسي والخبير في الشأن الأمريكي أحمد عطا، أشار إلى أن الآراء تباينت بشأن رؤية الناخبين المسجلين الذين لهم حق الانتخاب وهم 54% من الأصوات الأمريكية حول تقييم المناظرة بين ترامب وهاريس لهذا فإن غالبية مشاهدي المناظرة أكدوا أن هاريس تفوقت، كما أن مستشاري ترامب أوضحوا له أن مناظرة واحدة كافية، ولكن هناك أسباب وتفاصيل كثيرة خلف كواليس حزب ترامب، والتي توضح أن هناك فجوة بين ترامب وحزبه، وأنه يعزف منفرداً على عكس هاريس.
وبين عطا لـ إرم نيوز” أن ترامب فشل في تقديم حلول لثلاثة ملفات، فظهر كما لو أنه يعيد الوعود التي أطلقها سابقاً وهي الحد من ظاهرة تهريب المخدرات داخل أمريكا، والتي تجاوزت 35 مليار دولار وتحديدا من المكسيك والحد من ظاهرة اللاجئين من أمريكا الجنوبية والعنف المسلح في المجتمع الأمريكي وانتشاره بين المراهقين، لهذا يستشعر ترامب بأنه ليس محظوظاً في هذه المناظرة، بل في الانتخابات القادمة التي ستجري في نوفمبر القادم
وفي الوقت الذي تسعى هاريس لمناظرة ثانية، رفض ترامب المشاركة مع منافسته الديمقراطية قائلا عبر منصته “تروث سوشال”: “لن تكون هناك مناظرة ثالثة”.
مشيرا إلى مناظرته المتلفزة مع الرئيس جو بايدن في يونيو ومناظرة الثلاثاء الماضي مع نائبة الرئيس، قبل أن ترد هاريس فورا: “من حق الناخبين أن يحظوا بمناظرة أخرى”، الأمر الذي اعتبره مختصون تراجعًا ملحوظًا في نبرة ترامب، وأنه لا يريد المزيد من الإخفاق أمام هاريس والرأي العام الأمريكي الذي يتابع أدق مجريات المناظرات، وذلك لدورها الكبير في التأثير بآراء الناخبين.
وجاءت مناظرته مع هاريس على عكس مثيلتها مع بايدن، التي وبحسب متابعين وما تلاها من استطلاعات لم تكن في صالحه، معتبرين أن هاريس تفوقت عليه وبدت أقوى، وأجدر منه بالقيادة، ما دفع هاريس للحماس أكثر والسعي لمناظرة أخرى وتهرب ترامب.
وكشف أحدث استطلاع للرأي أن نائبة الرئيس الأمريكي الديمقراطية كامالا هاريس حازت تأييد 47% من المشاركين، متفوقة على منافسها الجمهوري دونالد ترامب، حيث نال ترامب تأييد 42% في السباق للفوز بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الخامس من نوفمبر، ما يعزز تقدم هاريس بعد مناظرتها، التي يعتقد الناخبون إلى حد كبير أنها ربحت فيها.