شهدت الساعات الماضية حدثاً استثنائياً كان بمثابة أبرة انعاش في جسم القضاء اللبناني ، إلا وهو توقيف حاكم مصرف لبنان السابق “رياض سلامة”
الذي شغل منصب حاكم مصرف لبنان منذ 1993 حتى 2023 وهي الأطول في العالم لحكام المصارف المركزية، بالتالي يعتبر صندوق الأسرار لحقبة من تاريخ لبنان السياسي.

وجاء توقيف سلامة من قبل النائب العام التمييزي القاضي “جمال حجار” بعد استجوابه لمدة ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس من مصرف لبنان تفوق الاربعين مليون دولار، بالإضافة إلى الكشف
عن 45 عملية لشركة “أوبتيموم” ومصرف لبنان، وبلغت قيمة العمولات 8 مليارات دولار مما يفسر أن سلامة كان يستخدم اسم الشركة لتنفيذ عمليات وهمية لتجميل ميزانية المصرف الذي كان خاسراً بالإضافة للحصول على عمولات كبيرة وبالتالي ربح غير مشروع.

وبناء على هذه المعلومات تم توقيف سلامة حسب ما أفاد مصدر قضائي لمدة أربعة أيام ضمن اعتقال احترازي قبل تحويل القضية إلى المدعي العام في بيروت.

بعد توقيف سلامة جاءت ردود الفعل حيث عبر عدد من النواب على أهمية أن يأخذ القضاء مجراه فقط اثنى رئيس “حزب الحوار الوطني” النائب فؤاد مخزومي، على خطوة القضاء، إذ أخذ قضية رياض سلامة بقوة وشجاعة مشهودتين.
وتساءل النائب جميل السيد  هل نصدّق؟ فلماذا شرب القاضي اليوم حليب السباع وأمر بتوقيفه، بينما كان سلامة حتى الأمس القريب تحت الحماية السياسية والأمنية التابعة للقوى الطائفية الكبرى في البلد؟ وأشار ماذا كان توقيفه في لبنان جاء استباقاً لطلب توقيفه لصالح الإنتربول وترحيله موقوفاً إلى أوروبا، على اعتبار أن السيادة القضائية للدولة اللبنانية على مواطنيها تعلو السيادة الدولية بما سيمنع تسليمه للخارج قانونا؟ ولأن كل الاحتمالات واردة، والقضاء اليوم تحت مجهر.

أما النائبة ندى بستاني اعتبرت أن لحظة سقوط حاكم المنظومة رياض سلامة تختصر كل يلي اشتغلو التيار على مدى السنين الماضيين لكشف ارتكاباتها وتحقيق العدالة لكل لبناني خسر جنى العمر وأكدت أن المحاسبة هيي جوهر التيار منها يستمد قوته ومصداقيته أمام الرأي العام.

فيما رأى البعض عبر مواقع التواصل الإجتماعي أن سلامة قد ينتحر قبل أن يبوح بالحقيقة هذه الحقيقة التي قد تودي برؤساء و وزراء ونواب وزعماء إلى السجن.
و طالب البعض بتشديد الحراسة على سلامة خوفاً من حدث مجهول يودي بحياته منعاً لكشف المستور من ملفات الفساد التي يعرفها.

ويذكر أن سلامة مطلوب للعدالة سابقاً حيث أصدرت قاضية فرنسية في العام الماضي
مذكرتي توقيف بحقه جرى تعميمهما عبر الإنتربول. وقرّر القضاء اللبناني بناء عليهما منعه من السفر وصادر جوازي سفره اللبناني والفرنسي.

إلا أن النيابة العامة في ميونخ ألغت في يونيو/ حزيران مذكرة التوقيف بحق سلامة، لأنه “لم يعد يشغل منصب حاكم مصرف لبنان المركزي وبالتالي لم يعد هناك أي خطر بإتلاف أدلة”. لكن القرار لا يعني أن التحقيق انتهى.

كما فرضت الولايات المتحدة إلى جانب كندا والمملكة المتحدة، عقوبات اقتصادية على سلامة وعلى أفراد عائلته لشبهات فساد، بما في ذلك تجميد أصولهم في البلدان الثلاثة.

ولكن سلامة لطالما نفى التهم الموجهة إليه، متحدثًا عن “بيانات مزورة” وخلفيات “سياسية”. وحتى آخر يوم من ولايته، واصل الدفاع عن السياسة النقدية التي اعتمدها، معتبرًا أنه حاول “التخفيف من وطأة الأزمة” الاقتصادية التي هزت
لبنان منذ 2019.

جرت العادة أن هكذا توقيف في بلد آخر قد يُعتبر انتصاراً للعدالة أما في لبنان فقد يكون له تداعيات ومخاوف بأن هناك تغيير ممكن أن يحصل وكالعادة يجب أن يسبقه تفجير وفضائح وقد يكون رياض سلامة المادة الأدسم لذلك أو قد يصيبه ما أصاب ميشال مكتف” الشاهد على مرحلة الانهيار الذي” مازال الكثيرون يشككون بموته المفاجئ .. وحدها الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة .

Share.

Comments are closed.

Exit mobile version