«التفاح اللبناني في مهب التنافس والحق على الطليان»، عنوان يلخص المعاناة الكبيرة لمزارعي التفاح في مناطق الجبل خصوصا، الذين سارعوا باكرا هذه السنة إلى طرح مشكلة عدم القدرة على تصريف الإنتاج وتصديره إلى الخارج.
في هذا السياق تمت مناشدة وزارة الزراعة ودعوتها إلى العمل المجدي للحؤول دون خسارة مزارعي التفاح موسمهم السنوي، خصوصا في ظل وطأة الأزمات القاسية التي تواجه اللبنانيين والاثقال التي تلقى على أعبائهم، على الصعد الاقتصادية والمالية والاجتماعية، إلى جانب الأمنية والقلق الذي يساورهم بهذا الخصوص.
دعوات وصرخة مزارعين انطلاقا من مبدأ ان القطاع الزراعي وصل إلى الخط الأحمر في لبنان، مع بلوغ الإنتاج هذه السنة نحو 5% فقط، وتراجع القطاع عموما إلى أكثر من النصف.
فقد بادر المزارعون في تعاونية الباروك – الفريديس الزراعية إلى خطوات جديدة، استعجلوا فيها طرح مشكلة عدم القدرة على تصريف إنتاجهم السنوي، رافعين الصوت تجاه الجهات الخارجية المانحة إلى إيصال مساعداتها إلى التعاونيات الزراعية أو المزارعين مباشرة، بعد فقدان الأمل من وزارة الزراعة اللبنانية، إثر تراجع ميزانيتها العامة إلى حدود 0.4%. وهذا رقم لا يكفي حتى لرواتب الموظفين، ولذا لا يصل أي دعم عما كانت تقدمه إلى المزارعين سابقا.
ومن تلك المبادرات، تنظيم التعاونية وبلدية الباروك – الفريديس و«ضيعتي مرايتي» ومحمية أرز الشوف، «مهرجان التفاح» الذي سيقام اليوم السبت في بلدة الباروك – الفريديس برعاية وزير البيئة ناصر ياسين، عل ذلك يدفع نحو تصريف الإنتاج باكرا.
ويأمل مزارعو التفاح في الشوف ان تكون هذه الفعالية كافية لتسليط الضوء على منتجات تفاح المنطقة والسعي إلى توفير مصادر للتصريف.
في هذا السياق، قال رئيس بلدية الباروك – الفريديس ايلي نخلة لـ «الأنباء»: «الهدف من هذا اليوم تسليط الضوء على مواصفات التفاح وتشجيع استهلاك هذا المنتج. وستنتشر طاولات الباعة وسط البلدة، ضمن برنامج يتضمن إلى جانب سوق التفاح، المؤونة البيتية وعروضا مباشرة للطبخ إلى جزء ترفيهي للأطفال، لتشجيع الأهل على نحو أكبر على المشاركة في النشاط. كما أننا نركز أيضا على الاغتراب اللبناني في التسويق للحملة، قبل مغادرة المغتربين مجددا إلى الخارج مع انتهاء العطلة الصيفية، وذلك بالتعاون مع التعاونية الزراعية ومجموعة «ضيعتي مرايتي» من الناشطين والناشطات في البلدة والمحمية».
وأضاف: «في مثل الواقع الذي نعيشه، رأينا ضرورة تنظيم هكذا نشاط لدعم الحملة، الأمر الذي يحفز المزارع اللبناني تاليا على تقديم أفضل الأنواع، ما يساعد على تسويق محصوله، وقبل كل ذلك البقاء في أرضه وتشجيعه على العمل الزراعي».
بدوره، أكد رئيس التعاونية الزراعية في الباروك – الفريديس الشيخ طلعت البستاني لـ «الأنباء» أن الهدف من النشاط «هو التسويق والترويج للتفاح في هذه المنطقة، لتشجيع الناس على الشراء. وأساسا هذا الأمر من واجبات الدولة اللبنانية، بتسويق المنتجات اللبنانية ورعايتها في تأمين الأسواق الداخلية والخارجية. لكن وزارة الزراعة غائبة كليا عن دعم المزارعين وميزانيتها 0.4% أمر غير مقبول، في بلد يعتمد بنسبة كبيرة على الزراعة. لذا يفترض بالجهات المانحة، وهنا نضع «الحق على الطليان»، كما يقول المثل، لأن تلك الجهات عموما تقدم مساعداتها إلى المؤسسات، ولا يصل منها أي شيئ إلى التعاونيات أو المزارعين».
وأضاف: «بلدة الباروك – الفريديس كانت تنتج أكثر من 100 ألف صندوق وبجودة عالية. بينما تراجع الإنتاج اليوم إلى 25 ألفا، ومثله الفواكه الصيفية الباقية، لاسيما الإجاص والخوخ والدراق، وكذلك الخضار التي تتميز بها المنطقة، علما ان الموسم من التفاح هذه السنة يقدر بنحو 5% فقط، بسبب التغيير المناخي الذي الحق ضررا كبيرا بالموسم».
وتابع: «الذي يزيد من مصائبنا، هو اجتياح التفاح السوري والتركي والصيني لأسواقنا. والنتيجة ان أكثر من 50% من المزارعين تخلوا عن هذه الزراعة وتحولت بساتينهم إلى قاحلة، ناهيك اننا نشتري الأسمدة والأدوية بالدولار ونبيع الإنتاج باللبناني. وللأسف كان الجو البيئي هذه السنة ملوثا كثيرا، ما أضر بالشجر وخلق أنواعا جديدة من الحشرات. والأدوية الموجودة في السوق المحلي لا تخدم مكافحة كل الأمراض. هذا الواقع وضع المزارع أمام أمر في غاية الصعوبة. والبعض من المزارعين أصبح يمزج 11 نوعا من الأدوية في برميل واحد بكلفة 60 دولارا للبرميل ويخدم دونما واحدا من الأرض. والمشكلة انه في غالبية الأحيان تكون الأدوية الزراعية مغشوشة».
ولفت البستاني إلى أن «بيع الصندوق الواحد من التفاح بوزن 20 كيلوغراما بـ 10 دولارات أميركية». يشكو قائلا: «التجار يشترون منا التفاح بثمن ويبيعوه 3 أضعاف على الأقل. من هنا كانت فكرة المعرض كي تصبح العلاقة بين المزارع والمستهلك مباشرة، بعيدا من جشع التجار واحتكارهم للمنتجات الزراعية».
الانباء الكويتية