“أنفاق غزة” معقدة وتعرقل إسرائيل في محاولتها للقضاء على “حماس”

سلط إنقاذ الجيش الإسرائيلي لرهينة من نفق تحت الأرض في قطاع غزة، الثلاثاء، الضوء على واحدة من أكبر العوائق المتبقية أمام هدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتمثل في اقتلاع حماس، وهو شبكة الأنفاق الواسعة والمعقدة للقطاع، التي تؤوي العديد من قادة الحركة المتبقين.
وكتبت إيفرات ليفني في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه أنقذ فرحان القاضي، الذي ينتمي إلى الأقلية البدوية العربية في إسرائيل، والمختطف في هجمات 7 تشرين الأول، من نفق لحماس تحت الأرض في جنوب قطاع غزة.

تمشيط الأنفاق

ووفقاً لمسؤولين بارزين، فإن القوات الإسرائيلية يبدو أنها عثرت على القاضي صدفة، بينما كانت تمشط شبكة من الأنفاق بحثاً عن مقاتلي حماس.
وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوعين، التي تبرز فيها شبكة أنفاق حماس في خضم جهود إسرائيل لاستعادة الرهائن، مما يسلط بعض الضوء على الجانب غير المرئي في الغالب للحرب، الذي يواجه المسؤولين العسكريين والسياسيين في البلاد.

وقالت القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، إنها عثرت على جثث 6 رهائن خلف بطانة خرسانية في طريق تحت الأرض متصل بنفق بعمق 10 أمتار.

ويفيد الخبراء أن هذه الاكتشافات تحت الأرض بعد نحو 11 شهراً على الحرب، تظهر مدى تعقيد شبكة أنفاق حماس واتساعها. مع هذا، يبلغ طول بعض الأنفاق مئات الأميال، بحسب ما يقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون ومن حماس.
وأكد الزميل البارز في برنامج الحرب والتهديدات غير النظامية والإرهاب في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن دان بايمان، أن “الأنفاق ضخمة”، مشيراً إلى أن الحرب في غزة كشفت عن مفاجأتين في شأن النظام الجوفي الذي بنته “حماس”، فهناك أنفاق أكثر، وهي أكثر تعرجاً، مما كان يعتقد سابقاً.
ولفت إلى أن الأنفاق تخدم حماس بطرق متعددة، ولا يقتصر الأمر على قدرة الجماعة على إخفاء قادتها ورهائنها فيها، بل إن الاستيلاء على الأنفاق – حيث تكون القوات الإسرائيلية أكثر عرضة للخطر ويتعين عليها التحرك ببطء شديد – أصعب بكثير من الاستيلاء على مبنى فوق الأرض.
وقال إن محاولة تدمير النظام الجوفي من الأعلى تمثل مشكلة أيضاً، لأن الأمر يتطلب قنابل كبيرة تسبب الكثير من الضرر وربما تخاطر بحياة الرهائن المختبئين في الأنفاق.
كذلك، تكهنّ بأن العديد من الرهائن الأحياء المتبقين محتجزون تحت الأرض، ربما إلى جانب قادة حماس، لأنهم “يشكلون رصيداً قيماً جداً…وأحد أوراق المساومة الرئيسية لحماس”.

بدوره، لفت أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية جيمس فيرتز، إلى أن الجيش الإسرائيلي جرب تكتيكات عدة خلال الحرب لدفع مقاتلي حماس إلى فوق الأرض، بما في ذلك إغراق الأنفاق وإغلاقها.
كذلك، قال فيرتز إن مقاتلي الجيش الإسرائيلي يفجرون بانتظام مداخل الأنفاق، وإرسال الكلاب والمسيّرات والروبوتات داخلها لتجنب المخاطرة بحياة جندي، وأضاف: “الأمر مرعب.. هناك منعرجات وغرف جانبية وأفخاخ. من الصعب التفكير بإرسال جندي إلى هناك”.
وسبق للجيش الإسرائيلي الإعلان عن تحقيق تقدم في إزالة البنى التحتية لحماس تحت الأرض. وفي 15 آب، قال الجيش إنه دمر نحو 50 نفقاً في أسبوع واحد، ووزع فيديو لجنود وهم يفجرون جحوراً ومواد بناء في مساحة على طول الحدود مع مصر، التي تطلق عليها إسرائيل “محور فيلادلفيا”.

ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن التأكد من أن تلك الأنفاق وغيرها لن تحفر مجدداً، شكلت نقطة حاسمة في مفاوضات وقف النار التي يتم التوسط فيها بين إسرائيل وحماس.
مع هذا، يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على بقاء بعض القوات الإسرائيلية لحراسة ممر فيلادلفيا، لمنع حماس من اعادة تسليح نفسها بعد الحرب، أو حفر أنفاق في اتجاه مصر.
وتلفت الصحيفة إلى أن “هدف نتنياهو المتمثل في القضاء على حماس، وعلى قادتها وبنيتها التحتية، مهمة يفترض بعض الإسرائيليين أنها غير واقعية”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الشهر، أنه قتل 17 ألف مسلح خلال الحرب، لكن الجيش يعاود القتال أكثر من مرة في مناطق سبق الإعلان عن تطهيرها من مقاتلي حماس. كما أن بعض القادة البارزين للحركة قد نجوا.
وفي كانون الثاني، داهم كوماندوس إسرائيلي مجمعاً واسعاً من الأنفاق في جنوب غزة، بناء على معلومات استخباراتية أفادت بأن زعيم حماس يحيى السنوار يختبئ هناك، لكنه كان قد غادر المجمع في وقت سابق وبقي طليقاً.

Share.
Exit mobile version