الردّ الغير متوقّع… إسرائيل وأميركا تستعدان لـ”الضربة الإنتقامية”

تستعد إسرائيل والولايات المتحدة لـ”ضربة انتقامية” إيرانية غير متوقعة على إسرائيل في أقرب وقت ممكن هذا الأسبوع، حيث قالت طهران وحلفاؤها للدبلوماسيين
الذين يحاولون منع نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط، إن الرد سيكون “ثقيلًا وسريعًا”، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

والجمعة، قالت إسرائيل إن جيشها في حالة تأهب قصوى، بينما عمل المسؤولون الأميركيون على تجهيز الأصول العسكرية والشركاء الإقليميين لوقف هجوم آخر يخشى البعض أن يكون “أوسع وأكثر تعقيدًا” من الهجوم الإيراني في نيسان.

وفي هجوم نيسان، أطلقت إيران أكثر من 300 طائرة بدون طيار وصواريخ على إسرائيل، ولكن فقط بعد إرسال ردها إلى الدبلوماسيين مسبقًا وإعطاء إسرائيل والولايات المتحدة الوقت للاستعداد.

 

وفي النهاية، تم إسقاط معظم القذائف قبل أن تصل إلى إسرائيل، لكن الأمر قد “مختلف” هذه المرة.

ويعمل الدبلوماسيون الأميركيون والعرب على تجنب “دوامة العنف”، لكن يقابل جهودهم “صمت غاضب” من إيران وحليفها حزب الله، اللذان يستعدان للرد على عمليات القتل في طهران وبيروت.

والأربعاء، أعلنت حركة حماس مقتل رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، بالعاصمة الإيرانية، طهران، في عملية نسبتها إلى إسرائيل.

والثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرات حربية تابعة له “قضت” على القائد العسكري في حزب الله، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن دبلوماسي إيراني، أطلعته حكومته على التطورات، قوله إن محاولات دول مختلفة لإقناع طهران بعدم التصعيد كانت ولا تزال بلا جدوى في ضوء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.

وقال الدبلوماسي: “لا جدوى من ذلك، لقد تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء.. وسيكون ردنا سريعًا وثقيلًا”.

وتشير “وول ستريت جورنال”، إلى أن الافتقار إلى المعلومات دفع المنطقة إلى واحدة من أخطر لحظاتها منذ بدء الحرب في غزة في تشرين الأول الماضي.

وقال أندرو تابلر، المدير السابق لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض: “إن قلة الاتصالات تعني إمكانية سوء تقدير الخطوة التالية على سلم التصعيد”.

وقد تكون النتيجة “دوامة” يصعب السيطرة عليها بدلا من “رد محدود” مثل الذي حدث في نيسان.

وقال مسؤول أميركي إن إدارة الرئيس، جو بايدن، “تتبنى نهجا حذرا في الوقت الحالي، مع عدم وجود أي مؤشر على أن إيران اتخذت قرارًا بشأن ما إذا كانت سترد وكيف”.

وتوقع المسؤول الأميركي، أن أي رد من المرجح أن يكون على بعد بضعة أيام إلى أسبوع.

والجمعة، أعلن البنتاغون الجمعة أنه يحرك أصولاً عسكرية إلى الشرق الأوسط قبل الرد المتوقع.

وقالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، في بيان إن وزير الدفاع، لويد أوستن، “أمر بإدخال تعديلات على الموقف العسكري الأميركي بهدف تحسين حماية القوات الأميركية، وزيادة الدعم للدفاع عن إسرائيل، وضمان استعداد الولايات المتحدة للرد على شتى الحالات الطارئة”.

وبحسب المتحدثة باسم البنتاغون فإن “وزارة الدفاع تواصل اتخاذ خطوات للتخفيف من احتمال التصعيد الإقليمي من قبل إيران أو شركائها ووكلائها”.

وأضافت، أنه “منذ الهجوم المروع الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، أكد وزير الدفاع أن الولايات المتّحدة ستحمي أفرادنا ومصالحنا في المنطقة، بما في ذلك التزامنا القوي الدفاع عن إسرائيل”.

وفي بيانها أوضحت سينغ، أن أوستن أمر بأن تحل حاملة الطائرات لينكولن ومجموعتها البحرية الضاربة محل الحاملة روزفلت ومجموعتها الضاربة في المنطقة.

كما أمر وزير الدفاع، وفقا لسينغ، بإرسال طرادات ومدمرات إضافية إلى الشرق الأوسط والمناطق الخاضعة لسيطرة القيادة العسكرية المركزية الأميركية “سنتكوم”، مشيرة إلى أن هذه القطع البحرية قادرة على التصدي للصواريخ البالستية.

كذلك، أمر أوستن بإرسال سرب مقاتلات إضافي إلى الشرق الأوسط.

وتملك الولايات المتحدة بالفعل “قوة نيرانية كبيرة متاحة”، بما في ذلك مجموعة حاملة طائرات ومدمرات صواريخ موجهة متعددة في خليج عمان، فضلا عن مدمرات إضافية ومجموعة “يو إس إس واسب” البرمائية الجاهزة في شرق البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب بطاريات الدفاع الصاروخي في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

لا تزال إيران وجماعة حزب الله التي تصنفها الولايات المتحدة “إرهابية” تريد تجنب حرب شاملة وتحاول معايرة ردهما، كما قال أشخاص مطلعون على تفكيرهما لـ”وول ستريت جورنال”.

لكن كلاهما صعد من خطابه العام ضد إسرائيل في أعقاب الهجمات، مما منحهما مساحة أقل لتخفيف ردهما دون أن يبدو وكأنهما يتراجعان.

وقال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إن الهجوم على طهران من شأنه أن يؤدي إلى “رد قاس على إسرائيل”.

وفي سياق متصل، توعد حزب الله بأن الرد على اغتيال إسرائيل لفؤاد شكر أمر “محسوم”، وقال إن الضربة تجاوزت الخطوط الحمراء وإن الصراع المستمر منذ عقود مع إسرائيل “دخل مرحلة جديدة”.

وقال مسؤولون عرب إن المؤشرات من محادثاتهم تشير إلى أن إيران وحزب الله يعتقدان أن الرد، أيا كان شكله، “يجب أن يكون أقوى من وابل الهجمات في أبريل”.

وأكدوا أن حزب الله أشار إلى أن “رده قد لا يكون هجوما واحدا بل سلسلة من الإجراءات”.

ويخشى البعض من أن الهجوم قد لا يشمل إيران وحزب الله فحسب، بل جماعات إقليمية أخرى مثل الحوثيين في اليمن والمسلحين في العراق.

وتشكل الجماعات المدعومة من طهران ما يسمى بـ”محور المقاومة”، وهو تحالف من الجماعات المسلحة التي تضم حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي بمثابة خط دفاع أمامي إيراني، وتستخدمها إيران لنشر نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.

وقال مسؤولون عرب إنهم نقلوا تحذيرات إلى طهران نيابة عن إسرائيل والولايات المتحدة بأن الجيش الإسرائيلي مستعد لخوض حرب إذا ردت الجماعة اللبنانية والسلطات الإيرانية بـ”قوة شديدة”، من خلال مهاجمة تل أبيب أو أعمق الأراضي الإسرائيلية.

ورد المسؤولون الإيرانيون بأنهم “يفهمون خطر التصعيد”، لكن خامنئي يتعرض لضغوط داخلية من المتشددين للرد.

وقال المسؤولون إن حزب الله أبلغ الوسطاء العرب، تحت ضغط تحذيرات مماثلة، “سنرد في ساحة المعركة”.

لا تزال هناك قيود على رد فعل إيران وحزب الله، وبالإضافة إلى الرغبة في تجنب الحرب، فإن كلاهما حذر من التنازل عن قدراته أو مواقعه لإسرائيل، كما نقلت “وول ستريت جورنال” عن أشخاص مطلعين على تفكيرهما.

وأكد المحلل الجيوسياسي الإيراني المستقل، مصطفى باكزاد، أن طهران تكافح من أجل تحديد ردها، لأن الاغتيال على أراضيها يستدعي الرد، لكنها لا تستطيع تحمل تصعيد لا يمكن السيطرة عليه.

وقال باكزاد: “لقد تم دفع النظام إلى زاوية ضيقة حيث لا توجد سوى خيارات سيئة”.

وعندما كانت إيران على وشك إطلاق وابلها الضخم من الصواريخ في أبريل، أعلنت عن الهجوم بـ”وضوح شديد”، لدرجة أن محطات الإذاعة والتلفزيون في إسرائيل كانت تحسب الساعات المتبقية للناس للعودة إلى منازلهم والاحتماء بالملاجئ.

وفي نيسان، شنت إيران أول هجوم عسكري مباشر من أراضيها على الأراضي الإسرائيلية. ويومها، أطلق الحرس الثوري على إسرائيل وابلا من الطائرات المسيرة والصواريخ، وذلك ردًا على غارة استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق.

وفي تلك الليلة، ساهمت القوات الأميركية بقوة في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجوم الإيراني.

وقال مسؤول أميركي: “لقد أرادوا (الإيرانيين) أن يعرف الجميع”، مضيفا “لكن الأمر ليس نفسه هذه المرة”.

Share.
Exit mobile version