إسرائيل تسعى لتعديل خطة هدنة غزة وتعقيدات وإصرار من حماس على الرفض
قال مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لوكالة “رويترز” إن إسرائيل تسعى إلى إدخال تعديلات على خطة تهدف إلى التوصل لهدنة في غزة وإطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، وهو ما يعقّد التوصل لاتفاق ينهي القتال المستمر منذ تسعة أشهر وأسفر عن تدمير القطاع.
وقالت المصادر الأربعة لـ”رويترز” إن إسرائيل تقول إنه يتعين فحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع عندما يبدأ وقف إطلاق النار، متراجعةً بذلك عن توافق يسمح للمدنيين الذين فروا إلى الجنوب بالعودة إلى ديارهم بحرية.
وذكر المسؤول الغربي أن المفاوضين الإسرائيليين “يريدون آلية فحص للسكان المدنيين العائدين إلى شمال غزة، إذ إنهم يخشون من أن يدعم هؤلاء السكان” مقاتلي حماس الذين ما زالوا يتحصنون هناك.
وقال المصدر الفلسطيني والمصدران المصريان إن حركة حماس رفضت المطلب الإسرائيلي الجديد، إلا أن مسؤولاً إسرائيلياً كبيراً قال إن الحركة لم تطلع بعد على المقترحات الحديثة التي من المتوقع أن تُعلن “في الساعات المقبلة”.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر: “الرسائل الواردة من حماس غريبة لأننا لم نرسل المقترحات بعد، ولم يطلع أحد عليها بعد. حتى المفاوضون لم يتلقوها بعد. وسيقرأونها قبل إرسالها إلى حماس للرد عليها”.
وأشار المصدران المصريان إلى وجود نقطة خلاف أخرى تتعلق بمطلب إسرائيل الاحتفاظ بالسيطرة على حدود غزة مع مصر، وهو ما ترفضه القاهرة باعتباره خارج إطار أي اتفاق نهائي يقبله الجانبان.
وفي هذا السياق، قال سامي أبو زهري القيادي البارز في حماس: “نتنياهو ما زال يراوغ ولا يوجد أي تغيير على موقفه”. ولم يعلق أبو زهري بشكل مباشر على مطالب إسرائيل.
تأتي الأنباء عن نقاط الخلاف الجديدة في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الأميركي جو بايدن خلال محادثاته في واشنطن، أمس الخميس، مع نتنياهو للتوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار.
وقال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض “نحن الآن أقرب مما كنا عليه من قبل”، لكنه أشار إلى وجود فجوات.
وفي كلمة ألقاها أمام الكونغرس الأميركي يوم الأربعاء، قال نتنياهو إن إسرائيل منخرطة “في جهود مكثفة” لتأمين إطلاق سراح المحتجزين في غزة.
وطلبت المصادر التي تحدثت إلى “رويترز” عدم الكشف عن هوياتها بسبب حساسية المحادثات المتقطعة التي تهدف إلى إبرام اتفاق من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح المحتجزين منذ الهجوم الذي قادته حماس في السابع من أكتوبر.
وتتوسط الولايات المتحدة ومصر وقطر في محادثات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس تتمحور حول إطار عمل يستند إلى عرض إسرائيلي دعمه بايدن الذي يضغط على الجانبين لحل ما يتبقى من خلافات.
يتألف الإطار من ثلاث مراحل تتضمن الأولى منها وقف إطلاق النار لستة أسابيع، وتحرير الأسرى من النساء وكبار السن والجرحى مقابل الإفراج عن المئات من الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل.
ويقترح الإطار استمرار المحادثات بشأن المرحلة الثانية التي يصفها بايدن بأنها “نهاية دائمة للأعمال القتالية”، خلال المرحلة الأولى. وستبدأ عمليات إعادة إعمار كبرى في المرحلة الثالثة.
نقاط عالقة
يقول مسؤولون أميركيون منذ أسابيع إن الاتفاق أصبح قريباً إلا أن هناك عقبات لا تزال قائمة.
وقال المسؤول الغربي والمصدران المصريان لـ”رويترز” إن المسؤولين الإسرائيليين طرحوا المطلب الخاص بإيجاد آلية لفحص المدنيين العائدين إلى شمال غزة خلال جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة والتي عقدت في وقت سابق من هذا الشهر. وقال المسؤول الغربي إن هذا “لم يكن متوقعاً”.
وأضاف المسؤول أن إسرائيل لا تشعر بالقلق فحسب بشأن تسلل مقاتلي حماس إلى الشمال وإنما أيضاً بشأن من تصفهم بـ”العملاء” الموجودين بين المدنيين ويقدمون الدعم بشكل سري للحركة.
وقال المسؤول والمصادر الثلاثة الأخرى إن الإسرائيليين لا يرغبون في سحب قواتهم من محور فيلادلفيا (صلاح الدين)، وهو شريط من الأرض بطول 14 كيلومترا على الحدود مع مصر.
وسيطرت قوات الجيش الإسرائيلي على الشريط الاستراتيجي في مايو وتقول إنه توجد أسفله أنفاق تهريب كانت حماس تحصل من خلالها على الأسلحة وغيرها من الإمدادات، فيما تؤكد مصر أنها دمرت شبكات الأنفاق المؤدية إلى غزة قبل سنوات وأقامت منطقة عازلة وتحصينات حدودية لمنع التهريب.
وقال المسؤول الغربي إن الأيام القليلة الماضية شهدت مساعي لإيجاد حل لهذه القضية، إما من خلال انسحاب إسرائيلي أو “التوصل إلى تفاهم حول كيفية إدارة ذلك”، دون أن يخوض في تفاصيل.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، في إفادة للصحافيين، يوم الأربعاء، قبل اجتماع نتنياهو مع الرئيس الأميركي، إنهم في المراحل النهائية من التوصل لاتفاق.
وتابع المسؤول: “هناك بعض الأمور التي نحتاجها من حماس، وهناك بعض الأمور التي نحتاجها من الجانب الإسرائيلي. وأعتقد أنكم سترون ذلك يحدث هنا على مدار الأسبوع المقبل”.
وذكر المسؤول أن من بين الأمور المطلوبة من حماس “الأسرى الذين سيخرجون”، دون مزيد من التوضيح.
ورفض أبو زهري هذا الزعم وقال إن “الإدارة الأميركية تحاول التغطية على تعطيل نتنياهو للصفقة بالقول إن هناك أشياء مطلوبة من الطرفين، وهذا بعيد عن الحقيقة”.