لغز “الهدهد الإيرانية”… و”السندباد” الأميركي يُخمد النار؟

انهمك كل من لبنان وإسرائيل أمس، في محاولةِ كَشْفِ مضمونِ “الصندوق الأسود” لمهمّتين، أرض – جوية، واحدة لـ “السندباد الديبلوماسي” الأميركي آموس هوكستين، والثانية لـ “هدهد حزب الله”، وكلاهما تقاطعا فوق “البركان النشط” على جبهة الجنوب اللبناني والذي يُنْذر بـ”الالتحام بحِمم غزة… المحروقة”.

وعلى وقع اشتدادِ المواجهات على الحدود المشتركة وإكمال الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في إطلالته عصراً، ترسيمَ معادلة الردعِ الجديدة التي أرستْها مسيَّرة “المهاجر- الإيرانية” التي أسماها الحزب “هدهد” والتي “مسحت” منطقة حيفا جوياً وجعلتْ نحو نصف القدرة العسكرية الإسرائيلية ضمن “بنك أهداف” جاهز للضرب عندما توسّع تل أبيب الحربَ، لم تهدأ التحرياتُ عن أبعاد الاختراق الأخطر من الحزب لعمق “أرض العدو” وما “أسّس له” له من مسارِ “خروق جوية” يمكن البناء عليه – وفق أوساط قريبة من “الممانعة” في المدى الأبعد أي في لحظة بحْث مرتكزات “اليوم التالي” لبنانياً لمقارعة الانتهاكات الإسرائيلية المزمنة للأجواء اللبنانية، ناهيك عن دلالاته على المستوى الآني لجهة توجيه “بطاقة صفراء” بوجه السيناريوهات الحربية التي يَضعها الإسرائيليون على الطاولة.

وعلى المستوى نفسه من “الرصد” وُضعتْ المحادثاتُ المكوكية التي أجراها هوكستين في بيروت، الثلاثاء، وعاد بعدها على عجَل إلى تل أبيب (كان زارها الاثنين) حيث التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرتين، وذلك في إطار ديبلوماسية إطفاء النار على جبهة الجنوب قبل أن تخرج عن السيطرة وتشعل حريقاً إقليمياً يصعب احتواؤه، وهي المَهمة التي بدا واضحاً أنها باتت محكومةً بسقفيْ الحد الأقصى: الإسرائيلي الذي حدّد عنوان “حزب الله إلى ما وراء الليطاني أو الحرب”، والحزب الذي حمّل الموفد الأميركي، عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، جواب: أقصر الطرق لمنع التصعيد وقْف حرب غزة.

وجاء إعلانُ الجيش الإسرائيلي مساء الثلاثاء “المصادقة وإقرار خطط عملياتية لهجوم في لبنان” وأنه “تم اتّخاذ قرارات بخصوص مواصلة تسريع استعدادات القوات في الميدان” ليؤكد أن محاولاتِ هوكستين لضبْطِ الجبهة مازالت في مرحلةٍ حرجة، في ظل إصرار “حزب الله” في المقابل على المضيّ في لعبة “حافة الهاوية” حتى النهاية، وسط اقتناعٍ بأن “شدّ الحبْل” من الحزب يرتبط في جانب منه – إضافة إلى الحاجة لتوازن ردع ورعب مع إسرائيل رَبْطاً بمجريات الحرب وما بعدها – بأن احتراق ورقة “حماس” واقعياً تحت رماد غزة وأنقاضها يحتّم وجودَ جبهة قوية تتيح تشكيل ما يشبه “الاستحكامات الديبلوماسية” التي تضع إيران على طاولة “الأقوياء” في حقبة إسقاط نتائج حرب غزة وأخواتها على السياسة والتوازنات الجديدة في المنطقة التي تتشكّل من جديد.

وبرزتْ أمس مؤشراتٌ إلى أن هوكستين يسعى إلى حضّ الإسرائيليين على إنهاء حرب غزة، باعتبار ذلك الطريق المختصر لوقف انحدارِ جبهة الجنوب نحو الحربِ الأوسع أو الصِدام الكبير، ما دام “حزب الله” رَبَطَ الأمرين ببعضهما، أو أقلّه تَفادي ضرباتٍ قد تشكل عود ثقاب لتوسيع المواجهات وتالياً العودة بالجبهة إلى مستويات التصعيد “المنضبط”، على أن يُترك لِما بعد “سكوت المدافع” محاولة تفعيل الاتفاق الإطار الذي عمل عليه في الأشهر الماضية لحلّ مستدامٍ، وإن كانت شروطه محفوفة بتعقيدات كثيرة قد يشكّل كل منها لغماً في ذاته.

وتعاطتْ أوساط سياسية مع إلغاء البيت الأبيض اجتماعاً أميركياً – إسرائيلياً رفيع المستوى في شأن إيران كان من المقرَّر عقده اليوم بعدما نشر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقطع فيديو أعلن فيه أن الولايات المتحدة تحجب المساعدات العسكرية عن بلاده، وتكليف هوكستين إبلاغ تل أبيب بغضب واشنطن من الشريط، على أنه في إطار الضغط الأميركي المتزايد عبر تقنين شحنات الأسلحة لحضّها على وقف حرب غزة وتالياً قطع “الوعاء المتصل” بجبهة لبنان، ناهيك عن اعتبار هذا الضغط في جانبٍ آخر، إشارةً إلى أن الإدارة الأميركية لن تكون في وارد رفْد إسرائيل بالدعم العسكري في أي حرب واسعة ضد الحزب تَعتبر أنها ستنزلق الى حرب إقليمية لمّحت أن إيران ستنخرط فيها.

وفي حين كانت تقارير صحافية في بيروت تنقل أن هوكستين “طمأن” رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى أن “الأجواء إيجابية في ما يخص مبادرة الرئيس جو بايدن والتي تتعلق بوقف إطلاق النار في غزة وأن دولة قطر تسعى بكل جهدها لإتمام الأمر”، لافتة الى أن “هوكستين أكد أن الأمور تحت السيطرة وأن الأجواء مازالت إيجابية في ما يخصّ الحرب بين لبنان وإسرائيل”، انصبّ الاهتمام في إسرائيل على تفكيك لغز اختراق مسيّرة “هدهد” أجواءها وصولاً إلى حيفا وتصوير مواقع عسكرية وأمنية حساسة.

وإذ نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “تحقيقاً أجراه الجيش، الأحد، أظْهر رصدَه 3 مسيّرات تصوير تابعة لحزب الله تسللت إلى مدينة حيفا شمالاً، والتي نشر الحزب لقطات لإحداها الثلاثاء”، وأن “سلاح الجو تابع هذه المسيّرات وإحداها أُسقطت والثانية اختفت عن الرادار ويُعتقد أنها سقطت في البحر، فيما تسللت الثالثة لمدينة حيفا ومناطق أخرى شمال البلاد”، أشارت إلى أن “المسيّرة كانت تحت سيطرة الجيش، لكنه قرر عدم إسقاطها كونه عرف أنها مسيّرة تصوير، وليست متفجّرة، وإطلاقُ مضادات جوية باتجاهها كان سيسبب خوفاً لدى السكان، وقد تتسبّب بأضرار”، ولافتة إلى أن “المسيّرة التي أطلقها حزب الله – هدهد 1، هي في الواقع طائرة صغيرة تحمل كاميرا Go Pro، ولم يكن عليها مدفع مضاد للطائرات”.

على أن مصادر قريبة من “الممانعة أبلغت إلى “الراي”، أن المسيّرة “أظهرت صوراً للغواصة الأكثر حداثة وقيمتها نحو مليار دولار”، وأن “الهدهد بطول نصف المتر وعرض مترين أظهرت نصف القدرة العسكرية لإسرائيل”، كاشفةً أن الفيديو الذي تم بثه يشتمل على مرحلتين “أولى وثانية تم دمجهما وضغْطهما من 27 دقيقة الى 9 دقائق، ومازالت الهدهد تحتفظ بمرحلة ثالثة ورابعة، أي لِما بعد حيفا وما بعد بعد حيفا”.

وأشارت المصادر إلى “أن كاميرا الهدهد في غاية الدقة وقادرة على إظهار صور من على مسافة 5 أمتار على الأرض”، كاشفة أن حصيلة ما بثته “كان من رحلات عدة، إذ كانت تذهب وتعود سالمة، وتبثّ مباشرة لغرفة التحكم والسيطرة، وهذا دليل على هشاشة الحماية الجوية الإسرائيلية”، ومعتبرة أن رسالة المسيّرة هي لردع أي مغامرة في اتجاه الذهاب الى حرب، ولإرساء معادلة أن (الاستهداف) شمال الليطاني مقابل شمال إسرائيل (حيفا).

في موازاة ذلك، كانت إسرائيل تعلن أنّ “الهجوم على شمال صور في الساعات الأخيرة، استهدف مستودع ذخيرة يعود للوحدة الجويّة في حزب الله التي صوّرتْ حيفا”، وذلك على وقع إعلان الجيش “ان أولويتنا استهداف قيادات وعناصر الحزب وقتلْنا حتى الآن 430 عنصراً”.

واعتبر أن “نصرالله يأخذ لبنان لطريق محفوف بالمخاطر، ونحن نستهدف حزب الله تحديداً ونعرف مواقعهم”.

المصدر: الراي الكويتية

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version