خسائر نتنياهو في حال الهدنة كبيرة.. هل يقلب الطاولة؟
حتى ساعة متأخرة من مساء امس كانت الاجواء المسرّبة عن المفاوضات الحاصلة في القاهرة بين وفد حركة “حماس” واسرائيل توحي بأن حظوظ التسوية تراجعت بشكل كبير، والسبب الاساسي هو رفض تل ابيب لفكرة وقف الحرب كأحد شروط تسوية التبادل، وهذا ما لا يمكن لـ”حماس” القبول فيه بعد كل ما خسرته في غزة عمرانيا وبشرياً وحتى على المستوى الاستراتيجي، اذ عاد القطاع سنوات الى الوراء بعد هذه الحرب.
تفضل اسرائيل ان يكون الحديث اليوم عن تفاوض مرتبط بالاسرى فقط وتبادل الاسرى مع الفلسطينيين، اما الحرب فلا تريد الحكومة اليمينية الحديث عن ايقافها على اعتبار انها لم تحقق اهدافها بعد، ولعل سلب ورقة الاسرى من حماس يعزز قدرة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على الاستمرار والصمود في المعركة، في ظل لامبالاة شبه كاملة من الجمهور الاسرائيلي غير المتأثر بشكل مباشر بما يحصل بعد توقف اطلاق الصواريخ بشكل فعال من غزة.
عمليا، في حال استطاعت اسرائيل تحييد عائلات الاسرى والمتعاطفين معهم يصبح الحديث عن ضغوط داخلية على نتنياهو ضربا من الخيال وعليه ستصبح تل تبيب قادرة على الاستمرار في الحرب حتى انهاك حماس بشكل جدي واجبار عدد كبير من الفلسطينيين من سكان قطاع غزة على مغادرته نهائيا لانه سيصبح غير قابل للحياة في حال استمرت الحرب ستة اشهر اضافية مع ما يرافقها من تدمير للمرافق العامة والصحية ومن مجازر وقتل وتدمير.
لا يمكن لنتنياهو الاقرار بأن وقف الحرب خيار وارد، لان الامر سيكلفه الكثير من الخسائر السياسية، اولها انفراط عقد التحالف الحكومي وبالتالي عودة نتنياهو الى خارج السلطة بعد سنوات طويلة جدا من سيطرته عليها، وهذا الامر سيعزز ورقة معارضية ويعرضه للمحاسبة القضائية لارتكاباته المرتبطة بالفساد وربما لاداء الجيش الاسرائيلي في ٧ اكتوبر والفشل الاستخباري بتوقع ما كان يحضره محمد الضيف والذي ادى الى مقتل مئات الاسرائيليين..
لكن الخسارة الكبرى من وقف الحرب من دون تحقيق نتائج حاسمة ضد حماس، ستظهر في الشمال، اذ ان المستوطن المهجّر بسبب الحرب لن يكون قادرا على العودة لان ردع حماس لم يحصل فكيف بحزب الله الذي يهدد بدخول المستوطنات؟ فكيف يمكن منع الحزب من القيام بمثل هذه العملية العسكرية؟ وعليه فإن انهاء او تأجيل خطر حماس من دون معالجة خطر “حزب الله” سيؤثر سلبا على نتنياهو امام الرأي العام الاسرائيلي الذي لا يزال متحمسا للحرب.
كذلك فإن نهاية الحرب ستشكل مخرجا للولايات المتحدة الاميركية يمكنها من رفع الغطاء الكامل عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مما يضعه في مواجهة عملية المحاسبة القضائية او السياسية. حتى ان وصول رئيس جديد للولايات المتحدة لن يكون بابا للانقاذ بالنسبة لنتياهو، لذلك فد يكون الهدف المباشر لحكومة اسرائيل اليوم هو انتظار الانتخابات الاميركية واستغلال نتائجها على افتراض تبدل الظروف والتوجهات، فهل يهرب نتنياهو الى الامام؟