مهرجان للرابطة السريانية في الذكرى الـ 109 لمجازر “سيفو”
المكاري: نأمل ان تكون الصحوة المسيحية الأخيرة في الإعلام على ملف النزوح حقيقية

نظمت الرابطة السريانية مهرجانًا بعنوان “شعب بلا ذاكرة يموت” في الذكرى التاسعة بعد المئة لمجازر “سيفو”، في قاعة مطرانية مار يعقوب السروجي للسريان الارثوذكس – السبتية، تحدث فيه كل من وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري، النائب بشير الجميل، النائب هاكوب بقرادونيان، نائب رئيس “التيار الوطني الحر” الدكتور ناجي الحايك، رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام ،وحضره ممثل البطريرك أرام الأول كشيشيان للارمن الأرثوذكس الاب سركيس ابراهميان ، ممثل البطريرك روفائيل الحادي والعشرين ميناسيان للارمن الكاثوليك الاب آرام ابراهيميان ، المطارنة ميخائيل شمعون، جورج صليبا، ميشال قصارجي، شارل مراد، مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الاب عبدو ابو كسم، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط ميشال عبس ، الاب جورج يوحنا عن الكنيسة الاشورية ، ممثل المدير العام لأمن الدولة النقيب روجيه ملو، ممثل المدير العام لأمن العام بالإنابة العميد ايلي الديك، ممثل رئيس اقليم المتن الكتائبي ماجد توما، ومن البيت المركزي الكتائبي جيسيكا فغالي، المسؤول الإعلامي في القصر الجمهوري رفيق شلالا، نقيب المحررين جوزيف قصيفي وعدد كبير من النواب والوزراء الحاليين والسابقين والسفراء ورؤساء الروابط..

بداية النشيد الوطني، ثم نشيد “سيفو”، ثم ألقى النائب الجميل كلمة قال فيها: “إن المناسبة تقتضي أن نتذكر المجازر التي نفذها الأتراك في حق الأشوريين والكلدان والارمن وموارنة جبل لبنان الذين قضوا جوعا في الحرب العالمية الأولى في ظل صمت الأمم وعمى الدول الأجنبية ،هذا الصمت الذي جعل المجازر تتكرر حتى يومنا هذا،لكننا نقول اليوم أن السكوت جريمة وتكريم الشهداء واجب.”

أضاف :”هؤلاء الشهداء أعطونا الحرية والكرامة لذلك لن نقبل اليوم بأن نعيش أزلاما أو ذميين، ولن نقبل بأن يخيرونا بين الأمن والحرية لأننا نتمسك بالأمرين معا. بالطبع نحن نتذكر تواريخ الشهادة لكن علينا أن نتذكر تواريخ الانتصار، فمع ذكرى ١٤ أيلول الاليمة، علينا ألا ننسى ٢٣ آب يوم انتخب البشير رئيسا للجمهورية، مع ١٤ شباط علينا أن لا ننسى ١٤ آذار يوم اتحد اللبنانيون، ويوم ٢٥ نسيان وهي ذكرى سيفو، علينا ألا ننسى ٢٦ نيسان يوم الانسحاب السوري من لبنان” .
ختم :”اننا كمجتمع مسيحي نتمسك اليوم بالحضور والدور وليس فقط بالوجود لان وجودنا مرتبط بدورنا إلى حد كبير.”

حايك

وكانت كلمة لحايك قال فيها: “نحن اللبنانيون من طوائف الأرمن الموارنة والسريان والأشوريين والكلدان، نحن احفاد شهداء اكبر جريمة تطهير عرقي حصلت في الشرق منذ بداية القرن الماضي، نجتمع لكي ننقي ذاكرتنا الجماعية ولكي لا نهمل عدوانا فظيعا ما انتهت فصوله حتى يومنا هذا”.

وأكد أن “أرواح أجدادنا لن تندثر بغيابهم، ولا قصاص او تعويض يخفف هول الجريمة او ينسي حدوثها، أن الصفح الذي تمليه علينا دياناتنا السماوية يمر حكما بالإقرار والاعتذار وبتحمل المسؤولية الواضحة كطريق للمصالحة الحقيقية كما حصل في اوروبا”، واعتبر ان” من يحاول إنكار الجزء البشع من تركة اجداده يكون متواطئا مع جريمة لم يرتكبها هو شخصيا”، واشار الى اننا “نجتمع اليوم هنا لا لنبكي، فلسنا في جنازة، نحن هنا لنرفع عاليا وبفخر لا بعصبية شهادة اسلافنا ولنطمئن ارواحهم ان الخلف سيبقى امينا لا للذكرى فقط بل لروحانية ورمزية هذه القضية المركزية”.

تابع: “إن كانت دراسات الحينات أظهرت أن أعراقنا متقاربة ومتداخلة وقد نلتقي على الدين والمذهب او حتى نتباعد لكن اهم ما يجمعنا في هذه الارض اللبنانية المقدسة ومنذ مئات السنين انما هي خاصة واحدة اسمها ملكة الحرية، هي التي جعلت طالبيها يلتقون ليشكلوا حالًا فريدة في الحوار تسببت لنفسها تارة بحروب غزاة مسلحين وطورا بالإغراق السكاني عبر استقدام موجات بشرية تهدف إلى استبدال شعب بآخر كما حصل على مر العصور وكما يراد ان يحصل اليوم مع اعداد النازحين المخيفة”.

أضاف: “نجتمع اليوم متوجهين بكلامنا الى الداخل وفي اتجاهات الشرق والغرب ولنصوب الكثير من المغالطات الشائعة التي حورت بعض المفاهيم التاريخية عن جهل او عن سوء نية. فللداخل نقول: إن اللبنانيين من طوائف ارمنية وسريانية واشورية وكلدانية هم متساوون مع اللبنانيين من الطوائف السنية والشيعية والارثوذكسية والمارونية، وجدوا على هذه الارض منذ مئات الأعوام، ورسالتنا الى الشرق واضحة لا تقبل تحويرا مهينا ولا تلفيقا مشبوها، نحن ابناء هذه الارض منذ الازل والى الابد ، ولدنا هنا وكبرنا هنا وقاتلنا هنا ومتنا ونموت هنا”.

تابع:” نحن قوم يضحى به من جيل إلى جيل على مذبح المصالح الاقتصادية والسياسية للدول ارضاء لسلطان او مليك او فاتح فاتك او مقابل خطوط حرير وطرق مسير وحفرة قوارير”، وقال: ” إن ورثة روحية الاجرام ما زالوا يحاولون الاجهاز على من بقي من السريان والاشوريين والكلدان في سوريا والعراق وعبر سلخ اراضي الجمهورية الارمينية الشقيقة والحبيبة واحتلال كاراباخ، وصحيح ان المنفذ جار لنا اردناه عزيزا في هذا الشرق لكن ايادي اشرار الغرب ما زالت تعمل وفق اجندات تبعد كل البعد عن حقوق الانسان والديمقراطية المزيفة، بيوعات لا تحصى ولا تعد ومحاولات لا تتوقف لبيع لبنان”.

وقال:” نعي ونقاوم استمرار ضرب حضورنا السياسي والاقتصادي لتهجيرنا بعدما فشلت الحرب العسكرية بإفنائنا. ان غياب الدور والحضور هو قضاء على الوجود وليس العكس. وعدنا لكم ان نتصدى ونواجه ونقاتل بوحدتنا وبوحدة نظرتنا إلى المستقبل وبتعلمنا من اخطائنا وخطايانا وما اكثرها”.

ختم: “إن السعي للمحافظة على خصوصيتنا هو غنى للبنان لا مصدر تشليع له نعم ان وحدتنا الوطنية اساسية ولكنها لا تعني خسارة ارثنا الثقافي وتعدديتنا لصالح مشاريع اممية تستمد روحانيتها والهامها حتى لا اقول اوامرها من خارج حدود الوطن الجامع والواحد. خصوصيتنا هي ملك وجداننا الابي الذي لا يتغير مع تغير القادة ولا يرضى ان يتأقلم لا مع الضغوط ولا يتحرك لأجل المصالح ولا مع السيف ولا لأجل الضيف الطارئ ولا خوفا من غدرات الزمان”.

بقرادونيان

من جهته رأى النائب بقرادونيان أن “الذكرى تأتي في زمن فقدان الذاكرة والنسيان المتعمد والنفاق والجشع والتعرق الأخلاقي تحول الإنسان إلى سلعة وحول نفسه عبدا للمال، لكن ورغم كل شيء فإنها ذكرى تاريخية تربطنا كأرمن مع السريان، حيث هناك تاريخ مشترك وحياة مشتركة، في مناطق تواجدنا ذاكرة ظلم وقمع واستبداد تعرضنا لها سويا على يد مستبد مشترك أبى أن يعترف بأبسط حقوق الانسان، في حق العيش الكريم وعبادة الرب والحفاظ على الهوية الخاصة، تاريخ شهاده يربطنا، الشهادة لأجل الكرامة والعزة والتشويق بالارض والوطن والحفاظ على مسيحيتنا واحترام معتقداتنا كما نحترم معتقدات وحقوق وخصوصيات الآخر”.

أضاف: “اليوم نحن والسريان عشنا في لبنان وما زلنا لأننا نؤمن به نموذجا للعيش المشترك بين الطوائف والقوميات حيث لا اكثريات ولا أقليات ولا منة لأحد على أحد ولا فحص دم كل يوم،لان لبنان واحد موحد لكل الطوائف والمذاهب والمقاييس الوحيد في الولاء هي الواجبات قبل الحقوق، فنحن لا نساوم في الواجبات، اما الحقوق فهي من مسؤولية الشركاء في الوطن قبل أن تكون مسؤولية السريان أو الأرمن”.

المكاري

أما الوزير المكاري فقال :”ما أشبهَ اليومَ بالأمسِ. نُحيي اليوم ذكرى مجازر سيفو، ونرى مسيحيي الشرق يتعرّضونَ للتهجيرِ والتنكيل، بسببِ سياساتٍ عالميّة لها رؤيتها الاستراتيجيّة لخلق شرق أوسط جديد. لكن مع الموت الذي نتعرض له، نؤمن أن الله ما زال يرسلنا في شرْقِنا، وفينا صلاح من صلاحه، وسلام من سلامه، وقوة من قوته، وأن الله سيد التاريخ يرعانا من فوق ويرعى كنيسته، وبناءً على إيمانِنا هذا نقول: نحنُ ملحُ هذه الأرض، ونحنُ خميرتُها ونورُها، “يَشتَدُّ علينا الضّيقُ من كلِّ جانِبٍ ولا نُسحَقُ، نَحَارُ ولا نَيأَسُ” (1قورنتس 8:4)، ونثِقُ بأنَّنا ننشُرُ منذ ألفي عام رسالةَ مسيحٍ غير مُتفاخِرٍ، غلبَ العالم على الرغمِ من فُقرِهِ، ومن جيشِهِ الصغير.”

اضاف: “كنا وسنبقى رسل المسيح. رسل الحرية. رسل محبة الآخر. ورسل الانفتاح على الآخر، نحن خلاصة ما بقي من المسيحيّة في الأرض. والمؤامرة علينا هي مؤامرة على هذا الشرق. ولعلّ ما كتبه الكاتب الكويتي أحمد الصرّاف تحت عنوان “أُخرجوا أيّها المسيحيون من أوطانِنا”، هو أبلغ توصيف لحقيقة مساهمات مسيحيي هذه الأرض بنهضتِها، ولمأساة المسيحيين في هذه الأرض، ولكن يبقى الأمل معقودًا على قديسينا، وما طوباوية أب التاريخ الماروني، البطريرك الإهدني اسطفان الدويهي، إلا رسالة إلهية تشد من عزيمتنا، وتؤكد أننا جذر غائر في أعماق تاريخ لبنان”.

تابع :”قد يبدو الاستنزاف الديموغرافي لمسيحيي الشرق كبيراً جداً، وقد يبدو الاستنزاف الديموغرافي لمسيحيي لبنان قوياً جداً، ولكن الاستنزاف السياسي أقوى. الأنا القاتلة أسقطت وهم الاتّفاق المسيحي ـ المسيحي، والتقاطعات المصلحيّة العابرة التي تحصل من حينٍ لآخر، تنفع للعرقلة والتعطيل أكثر ممّا تنفع للعمل والبناء، في وقت ينهار فيه البلد اقتصاديًا، وينزف بشريًا، ويَتمُّ ملء الفراغ اللبناني بنازحين سوريين حذّرنا من خطورتِهم منذ العام 2011 دون أن نجد آذاناً مصغية، ونأمل أن تكون الصحوة المسيحيّة الأخيرة، التي نراها في الإعلام ، على خطورة ملفّ النزوح السوري حقيقيّة، وتنمُّ عن إجراء مراجعات جديّة، تُبنى عليها الرهانات الحاليّة والمستقبليّة”.

وقال :”نعيش اليوم تداعيات السياسات والرهانات الخاطئة، والمصارحة الشاملة مع القوى المسيحيّة تقتضي أن نقول لها جميعاً كمسيحيين: “استيقظي”. لا أقول ذلكَ بغرضِ الانتقاد، بل أقولُ ذلك من باب الحريص والغَيور على مصلحة المسيحيين، ومن بابِ توجيهِ دعوة هادئة إلى التفكير العميق، وإلى قراءة اللحظة بشكل صحيح.”

ختم :”من هنا نحتاجُ إلى يقظَة مسيحيّة شاملة، تحمينا وتُدافع عن مشرقيتِنا المُنفتِحة، ولنبدأ بانتخاب رئيس حاضرُه لا يخجَل من ماضيه كما كان يقول غبطة البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير، رئيسٌ ينتظم معَهُ عمل المؤسسات. ويعمل على إعادة تكوين السلطة، وإعادة بناء الدولة التي تتهاوى على كلّ المستويات. والسؤال الذي لا بدّ من طرحِه ختاماً: هل من مصلحة المسيحيين أن يعيشوا في دولةٍ مقطوعة الرأس؟”.

افرام

أما رئيس الرابطة السريانية فأكد انه “على الرغم من مرور مئة وتسعة أعوام على مجازر سيفو فإنها لم تغب لانها مكتوبة بالدم وبعظام الاجداد،لم تغب لاننا ضحايا الاجرام المستمر والتجارب المرة ،سيفو حقيقة تاريخية في المكان والزمان، سيفو قضية وحق، لذلك نطالب تركيا بالاعتراف الصريح والشفاف بما حصل من أجل وقفة ضمير ونقد ذاتي، نحن لا تستثمر دم الشهداء إلا في ساحات الشرف والحرية ، لا للانتقام ولا لنكء جراح أو ضغينة بل من أجل الحقيقة.”

اضاف:”كل سيفو قضيتنا لأننا ضد القتل بالمطلق، ضد الإرهاب، ضد العنف، ضد الكراهية، ضد الارهاب، ما رفضناه لاهلنا نرفضه لأي شعب وندينه في أي بقعة من العالم .”

تابع: “نحن الذين جبلنا مع لبنان – قلب الله – قدرا وخيارا نؤمن انه الواحة والمثال رغم كل عثراتنا، انه الدور والرسالة لا الحصن والملجأ فقط، عرفنا جحيمنا ايضا لقد قتلنا واقتتلنا، وكنا قضية وساحة، مررنا بكوابيسنا و مجازرنا ، تذابحنا وتصالحنا، سرقنا ونهبنا وفوجرنا، علينا أن ندرك ربما أكثر من غيرنا أن لا حلول إلا بالحوار والتفهم والتفاهم والمصالحة والتعالي ،فقد علمني حب الحقيقة أن أرى جمال التسوية”.

ختم:”انفضوا الغبار عن القصر الجمهوري للرئيس المسيحي الوحيد في المشرق، أعيدوا لملمة سراب الدولة حتى لا نندم وحتى لا تتكرر أي مجزرة، وحتى نناضل لوطن حلم، ولشرق متنوع ولفجر قيامة.”

يذكر أن دروع “سيفو” وزعت خلال المهرجان على المتكلمين تقديرا لهم على كلماتهم المعبرة.

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version