هل تخفق المبادرة الرئاسية بإيجاد نقاط مشتركة؟
بعد منتصف الشهر الجاري، تتحضر اللجنة الخماسية لـ «تقليعة» جديدة في الملف الرئاسي تحت عنوان ثابت وهو العمل على توفير نقاط مشتركة بين القيادات اللبنانية، صحيح أن الاجتماعات الأخيرة في هذا الملف لم تقطع شوطا متقدما، إنما لا يعني أن أعضاء اللجنة تراجعوا عن وساطتهم لإنضاج نواة حل للشغور الرئاسي وفق مرتكزات محلية بعيدا عن فرض خيارات أو قرارات محددة. ولمن يسأل عما تحمله الجولة الجديدة للسفراء وعما إذا كانت هناك من استراتيجية محددة، فإن المعطيات تتقاطع على التأكيد أن النقطة المحورية هي السعي لضمان الانتخابات الرئاسية وكيفية إبعاد الاستعصاء عن هذا الملف، فإذا كان ذلك عبر مجموعة خيارات معروفة تحت عنوان «الخيار الثالث» ومن خلال جلسات تشاورية، فإن الأفضلية تبقى لها باعتبار أنها نابعة من مساعٍ محلية عبر مبادرة تكتل الاعتدال الوطني أو عبر مبادرة النائب غسان سكاف.
وفي حين يعتبر أعضاء التكتل أنهم أدوا قسطهم للعلى، فإن مسعاهم لا يزال ينتظر بعض الأجوبة حتى يتم الإعلان عما سيحل به لاسيما أنه في واقع «عدم التقدم وعدم التراجع»، وهذا يعني أن التمسك بهذا المسعى قائم حتى إشعار آخر، وإذا عبَّر أعضاء اللجنة الخماسية عن تأييدهم للمبادرة، فذاك يعني أنها تشكل محور الانطلاق، ولعل التصريحات السابقة لبعض السفراء عكست هذه النتيجة.
أما الربط بين تحرك اللجنة وترقُّب ما سيؤول اليه الوضع في الجنوب، فليس منطقيا لاسيما ان أعضاء اللجنة لم يأتوا على ذكر اي إشارة في هذا المجال على الرغم من توجُّسهم من التوتر المتصاعد في الجنوب. وفي هذا المجال تعرب مصادر سياسية مطلعة عن اعتقادها لـ «اللواء» أن لقاء السفراء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري يعد مفصليا لتبيان موقف الثنائي الشيعي وما إذا كان هناك من تبدل في المقاربة المتصلة بالحوار السابق لأي جلسة انتخاب، ومعلوم أن الرئيس بري قال ما لديه ولم يُسجل له أي موقف رئاسي جديد، وبالتالي تبدو جولة اللجنة الخماسية محكومة بالشروط نفسها، لكن عمليا تتبلور الأمور أكثر بعد عيد الفطر، وترى ان ما من أحد قادر على التنبؤ بما يحصل على جبهة الجنوب أو في الوقائع الميدانية، مع العلم أن التحليلات تتحدث عن مفاجآت بعد العيد، وهنا يسود الاعتقاد أن الملف الرئاسي قد يتراجع من جديد، إلا إذا حددت مهلة حاسمة من خلال ضغوط خارجية معينة، مشيرة إلى أن التأزم بين إسرائيل وإيران قد يدفع إلى قلب التطورات، لاسيما أن ايران لم تحدد مكان الرد على إسرائيل.
وتفيد هذه المصادر أن أعضاء من اللجنة الخماسية سبق أن ابلغوا من التقوهم أن مسعاهم لا يُلغي أي مسعى آخر ولا الإجراء الدستوري الذي تتمسك به قوى المعارضة لأن لا انتخابات من دونه، وتقول أن هذه اللجنة ستعمل على رفد مبادرة التكتل أو إعادة إحيائها بطريقة من الطرق خصوصا أنها قابلة للتطور، والعين تبقى على موقف حزب الله وعلى أية إشارة تخدم السير بترشيح جديد بعيدا عن مبدأ «هذا هو مرشحي ونقطة على السطر»، ولا يبدو أن جو الحزب لا يوحي بأي تغيير في الاستراتيجية، مؤكدة أن ما من خطط مسبقة لأي من اللجنة الخماسية ونواب الإعتدال الوطني بالنسبة إلى نشاطهم المقبل، مع العلم أن المرحلة المقبلة بالنسبة إليهم ليست مرحلة جس نبض إنما السعي إلى الأرضية المشتركة بين القوى السياسية على قاعدة حصر الاسماء المرشحة بلائحة رئيسية ، متوقفة عند غياب التداول بهذا الملف ولو على صعيد بيان أو تغريدة أو غير ذلك من قبل المعنيين، فهل أن لذلك علاقة بالهواجس من توسع الحرب ؟
وهنا تشير المصادر نفسها إلى ان الملف الرئاسي قد يشهد مناقشة بشكل منفصل عن مستجدات الجنوب، كما قد يتم ارجاؤه تبعا لأي تطور نوعي،وهنا يصعب وضع توقعات محددة ولاسيما في ما خص مصير هذا الملف.
في أعقاب عيد الفطر، قد يكون الكلام الرئاسي مختلفا وقد لا يكون لأن الرهان على مناخ إيجابي بعد العطلة دائما يُبنى في بعض الأحيان على حسابات خاطئة، وفي كل الأحوال تتظهَّر الصورة قريباً.
كارول سلوم – اللواء