المطران عون: لا يُبنى وطن الرسالة الا اذا تخلى كل انسان عن أهدافه الخاصة
ترأس راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، قدّاساً إحتفالياً لمناسبة عيد القديس المارون، وعيد الابرشية ، ولمرور 12 سنة لتوليته على الأبرشية، عاونه فيه النائب العام الابرشي المونسينيور شربل أنطون ، القيم الابرشي الخوري شربل ابي عز ، والكاهنان بشارة السخن وربيع البعيني وخدمته جوقة راهبانيّة الوردية في لبنان بقيادة الأخت مغالي مرعب، بمشاركة راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خير الله، والمطران بولس مطر، رئيس دير مار مارون عنايا الأباتي طنّوس نعمة ولفيف من الكهنة والاباء.
حضر القدّاس النائب رائد برو ، النائب زياد الحواط ممثلا بعقيلته كارين ، الوزيرة السابقة القاضية أليس شبطيني النائب السابق شامل موزايا، المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان المهندس جان جبران، المدير العام للمكتبة الوطنية الدكتور حسّان العكرا، قائمقام جبيل بالانابة نتالي مرعي الخوري ، رئيس بلدية جبيل وسام زعرور والرئيس السابق الدكتور جوزف الشامي ، رؤساء بلديات بلاط -قرطبون ومستيتا عبدو العتيّق ، حالات المحامي توفيق الراعي والمجدل سمير عساكر ، رئيس رابطة مختاري قضاء جبيل ميشال جبران ومختاري المدينة ، الامين العام الاسبق لحزب الكتلة الوطنية المحامي جان الحواط ، كهنة الابرشية ، رئيسة مركز الصليب الاحمر اللبناني رندا كلاب ، فاعليات روحية عسكرية اجتماعية وحشد من المؤمنين
ابي نصر
في مستهل القداس، القى المونسنيور رزق الله ابي نصر كلمة اكد فيها ان “الموارنة شعب انتمى الى مدرسة المسيح في الجبال الوعرة والاودية السحيقة، ولجأ الى المغاور والكهوف في عهد الظلم والاضهاد متمسكين بإيمانهم”، مشيرا الى انه “بهذا الايمان نلتقي حول راعي ابرشيتنا حاملين في صلاتنا ووطننا الحبيب لبنان والاراضي المقدسة ملتمسين السلام والوحدة من الرب بشفاعة ابينا القديس مارون”.
العظة
واعلن عون في عظته، ان “الشعار الذي اخترناه هذه السنة للابرشية يحمل عنوان كنيستي- ابرشيتي -رعيتي – ويني ؟ وقال : “نلتقي هذه السنة لنحتفل بعيد أبينا القديس مارون، وعيد الأبرشية، لنشكر الله و نرفع الصلاة على نيّة ابرشيتنا لكي يباركها الله ويبارك ابنائها لنستلهم روحانية ومثال القديس مارون ، وفي الوقت عينه لشكر الرب على إثنتي عشر سنة قضيتها معكم في الابرشية راع بنعمة الله الذي أعطاني أن أكون أميناً”.
واستشهد بما كتبه العلامة المونسونيور ميشال الحايك ابن الابرشية عن المارونية في بدايتها حيث عاش الموارنة الاوائل من دون قانون مكتوب لكن وفق روحية الكتاب المقدس والاب مارون
واكد عون ان “هذه الروحية وهذا الاختبار هي التي تثبّت الموارنة في ارضهم واعطتهم بقوة القيامة والانتصار على الموت ، القوة على مواجهة الاضطهاد وكل الصعوبات التي واجهوها عبر تاريخهم” .
وقال: “هذه النكهة المارونية علينا ان نكتشفها ونعيشها من جديد اذا اردنا الثبات في ارضنا ، يجب ان ترجع كنيستنا لتكون موضع اللقاء مع الحبيب ، مع الرب يسوع القائم. في مسيرتنا الايمانية نلتقي به في الاصغاء والتأمل بكلامه وفي سر جسده ودمه لنختبر انه الكنز الذي تتوق اليه نفس كل انسان تائق الى الكمال ، من القديس مارون نتعلم ان امجاد الارض ، اذا ما سيطرت على نفوسنا ، وجعلتنا نتخلى عن القيم ، وتجاهلنا لاجلها المبادئ ، نخسر بسببها المجد الحقيقي الذي يريد الاب اشراكنا فيه بابنه الوحيد ، لقد صار مارون على مثال الرب يسوع حبة الحنطة التي ماتت فأعطى ثمارا كثيرة ، جمهورا من القديسين الذين تبنوا روحانيته في كنيستنا المارونية ، ونحن الذين نتغنى بانتمائنا الى كنيسته مدعوون الى ان نتبنى روحانية الموت عن الذات”.
واضاف: “اذا اردنا ان نعطي ثمارا في حياتنا على كل المستويات علينا ان ندرك ان الرب هو مصدر الحياة ، علينا ان ننكر الذات ، فالرب يسوع يقول ماذا ينفع الانسان ان ربح العالم كله وخسر نفسه ، فهذه الروحانية نحن مدعوون لها كموارنة وكل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ، ولا يمكننا ان نبني وطن الرسالة الا اذا تخلى كل انسان عن اهدافه ومصالحه المباشرة والخاصة ، وان نضحي كحبة الحنطة التي تموت لكي يعطي وطننا الثمار التي نرجوها بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية وانتظام القوانين وكل الامور التي نحتاجها في وطن يليق بالانسان” .
وختم داعيا الى الصلاة على نية ابرشيتنا ووطننا وكل مسؤول على كافة المستويات لكي يعطي كل واحد منهم من ذاته من اجل الوطن وبذلك نحقق الدعوة الاساسية لكل انسان لان يعيش المحبة من اجل نمو الخير العام ، آملا ان يحمل العيد الخير لجميع اللبنانيين .
انطون
وفي ختام القداس، القى النائب الابرشي المونسونيور شربل انطون كلمة قال فيها: “إثنتا عشرة سنة مرّت على توليكم رعايّة أبرشيّة جبيل المارونيّة، وككل سنة في ذكرى عيد أبينا القديس مارون، نرفع الصلوات معاً في هذا القداس الإلهيّ على نيتكم يا صاحب السيادة، و على نية الأبرشية، كل كهنتها ورهبانها، أبنائها وبناتها، أحيائها وأمواتها، مصاعبها و تطلعاتها ؛ تذكار يتجدد كل سنة منذ إستلمتم مقاليد الرعاية”.
واردف: “12 سنة من القيادة، أيها الأسقف الجليل، تُبحر في سفينة المسيح، في بلاد الحرف و الأبجديّة، وأشرعة السفينة تقودك كل يوم وسط هذا الشعب الأبيّ العِنان، تحاجج الرؤساء والقادة، وتمد اليدَ للفقير والمسكين، تعوم في القضاء الجبيليّ كدخول الرب الى الجليل حين كان الناس يأتون اليه من كل حدب و صوب، ترتاح إرتياحه بين البسطاء و الطيّبين، تبشّر بالمحبة، فترحم ؛ وتزور الرعايا وتلقي شباك صيدك فتجذب. ثم تَخرُجُ بالسفينة مع التلاميذ اْلكهنة، وتلاقي إخوةٍ لنا في الوطن من خلال لجنة حوار وطنيّ إسلاميّ مسيحيّ، لتعود وترسي السفينة على شاطئ الأمان فتطلق اعمال المجلس الراعويّ الأبرشيّ. إنها حركة عمل دائبة مستمرة، متوشّحة بلباس البرّ والحق. كما يقول الآباء السريان للجالس على الكرسيّ الأسقفيّ : ” هلم بسلام يا أبانا المتشّح بالله، تلميذ الحق والحقيقة المُرسَل من الله”. فالراعي الصالح هو ذاك الذي يولي كلاً من خراف رعيته الأهميّة نفسَها كحدقة عينه”.
واضاف : “فمن الإثنيّ سبطاً تكوّنت كنيسة العهد القديم، وبلإثني عشر رسولاً تكوّنت كنيسة العهد الجديد في المسكونة كلّها، وفي سُنُوّكم الإثنيّ عشر، يا صاحب السيادة، لا يسعنا إلاّ التأمل والرجاء بما سيفيضه الله علينا، من خلالكم، من نعم وبركاتٍ، تبلسم وتشفي جروحات شعبنا المتألم الرازح تحت وطأة الحرب و القلق والهجرة، لأننا على يقين إيمانيّ أنه مهما عَلَتْ قوة ثقافة الموت، فهي لن تخيفنا. ألم يقل لنا الرب أن حبة الحنطة إن لم تقع في الأرض وتمت تبقى واحدة وإن ماتت، فهي تعطي ثمراً كثيراً”.
وتابع: “من هذا المنبر المقدس، نشدُّ على يدكم يا صاحب السيادة أن تكونوا صوت الضمير، وكلمة الحق، وباب رحمة لكل من يطرق بابكم، فَحَربُنا اليوم ليست بأسلحة بشريّة بل نصنعها بالصلاة و الصوم و التقشف بحب الله وبمحبة القريب”.
وختم: “بإسم إخوتي الكهنة والرهبان وهذا الشعب الحاضر نجدد عهدنا بالطاعة الكاملة والعمل بتوجيهاتكم الأبويّة، لنصنع غداً أفضل لكنيستنا المارونيّة في أبرشيّة جبيل. فليجعلنا الله عند حسن ظنكم دائماً”.