الهدوء الذي يخيم على المشهد السياسي الداخلي بعد صخب الاسابيع الماضية لا سيما في ملف قيادة الجيش، يكسب مزيداً من الوقت مع تحرك رئيس مجلس النواب نبيه بري على خطه عبر توجيه دعوة الى هيئة مكتب مجلس النواب الى اجتماع يوم الاثنين المقبل، وسط ترقب لمواقف الكتل النيابية، لا سيما المعارضة منها في شأن مشاركتها او عدمها في جلسة سيدعو اليها بري منتصف الجاري متضمنة اقتراحات التمديد للقائد جوزف عون.

وبخلاف السياسة يتجه المشهد الامني نحو سخونة اضافية وقد شهدت الجبهة الحدودية اليوم تصعيدا كبيرا، رفع منسوب التحذيرات المحلية والخارجية والدولية من مغبة تدهوره دراماتيكيا وانزلاق لبنان الى المصير الاسود.

هيئة المكتب: وبين الوضع الميداني الملتهب جنوبا وملف التمديد لقائد الجيش، توزع الحدث المحلي اليوم. في الاستحقاق العسكري، دعا رئيس مجلس النواب  نبيه بري الى جلسة لهيئة مكتب المجلس في الثانية من بعد ظهر الاثنين، كما استقبل بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد من اللقاء. وبعد اللقاء تحدث النائب أكرم شهيب قائلاً: من موقعنا سعينا ونسعى لأن لا تترك التجاذبات السياسية والمصالح الشخصية الضيقة تأثيرها على الهيكلية القيادية للمؤسسة العسكرية، فالجيش كان ولا يزال الضامن لأمن البلد ولما هو آتٍ من مخاطر نتيجة الهمجية الإسرائيلية إن في غزة أو في الضفة أو في جنوب لبنان. أضاف “وفي ملف الرئاسة نحن والرئيس بري وكثر نؤمن بأن الحوار هو الطريق  الاقصر والكفيل وحده  بانتاج رئيس للجمهورية ولإعادة تفعيل عمل المؤسسات حفظاً للأمن وحماية لما تبقى من مواقع منتجة في هذا البلد”. النائب شهيب قال ردا على سؤال “أعتقد ان المنتظر من الحكومة كان أن تأخذ مثل هذا القرار لكن الرئيس بري وهو الحريص الدائم على الإستقرار  وعلى المؤسسة العسكرية دعا  هيئة المكتب يوم الاثنين الى جسلة عامة قبل 15 الشهر كما وعد في السابق، وجرت العادة في مجلس النواب أن تكون هناك  مشاريع وإقتراحات قوانين والمعجل المكرر، لذلك أعتقد لم يكن يوماً دولة الرئيس إلا حريصا  على الأساسيات في المجلس النيابي فهو سيدير الجلسة كما عودنا دائماً وبنجاح دائم”.

تجدد: في الاثناء، رجّح النائب أديب عبد المسيح أن “يكون مخرج ملف التمديد لقيادة الجيش عبر عقد جلسة تشريعية بجدول أعمال من سلة قوانين من بينها تأجيل تسريح العماد جوزف عون”، ولفت الى ان “المعلومات تشير الى موافقة كتلة القوات اللبنانية على مثل هذه الجلسة”.
أما عن سائر الكتل، فأوضح في حديث اذاعي ان كتلة “تجدد” التي ينتمي اليها “لم تحسم قرارها بعد لجهة المشاركة في جلسة تشريعية من عدمه، وكذلك كتلة الكتائب”، مشيرا الى ان “السبب يعود الى تباين في الآراء داخل أعضاء الكتل التي لم تكشف عن موقفها بعد، وهناك من يرفض التشريع وهناك من يؤيده في الشق الأمني”. واعتبر ان “الصورة ستتضح الاسبوع المقبل”، لافتا الى ان “جلسة اللجان المشتركة يوم الاثنين نوع من اختبار لكل القوى لتحديد مصير الملف وما اذا كان المخرج سيكون في مجلس الوزارء أو في مجلس النواب”.

قصف متبادل وهلع: في الوضع الجنوبي، التوتر سيد الموقف حدودا. اليوم، اعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان- حزب الله، في بيان ان “مجاهديها استهدفوا موقع المرج وحرج راميم (قرية هونين اللبنانية المحتلة)؛ ‏بالأسلحة المناسبة وحققوا فيهما إصابات مباشرة”. ‏كما اعلن الحزب انه “إستهدف عند الساعة 11:00 اليوم موقع معيان باروخ بالأسلحة المناسبة وتمت اصابته اصابة ‏مباشرة”. واعلن إستهدافه موقع المرج (قرية هونين اللبنانية المحتلة) بالأسلحة ‏المناسبة وإصابته إصابة مباشرة. واستهدف “تجمعاً لجنود الإحتلال الإسرائيلي في محيط ثكنة ميتات ‏بالأسلحة المناسبة وأوقع فيه إصابات مؤكدة”. على الاثر، سجل قصف اسرائيلي لتلة حمامص في سردا  ما ادى الى سقوط جريح وقد اصيب في رجله ونقل إلى مستشفى مرجعيون الحكومي وحالته مستقرة. كما نفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارة جوية استهدفت وادي السلوقي والمنطقة الواقعة بين بلدتي كونين وعيناتا، وتسببت الغارة قرب مبنى تعاونية السجاد في كونين  بأضرار في المبنى. كما ادى  تناثر الزجاج  جراء الغارة على كونين الى جرح طلاب في معهد البلدة جروحهم طفيفة. وسادت حالة هلع ورعب بين المواطنين اثر استهداف كونين. وطال القصف ايضا اطراف بلدة بيت ليف ووادي حامول وبلدتي رب ثلاثين وبني حيان واطراف بلدتي رامية ووادي مظلم.

قلق من التصعيد: في المقابل، المساعي الدولية مستمرة لايجاد صيغة تعيد الهدوء الى الجبهة الجنوبية. فقد اعتبر المتحدث الاقليمي باسم وزارة الخارجية الاميركية سام ويربيرغ ان “الولايات المتحدة الاميركية لديها قلق شديد بسبب التصعيدات بين لبنان واسرائيل على الخط الازرق”. وقال في حديث متلفز “نحمّل حزب الله مسؤولية التصعيد ولبنان كدولة ليس طرفًا في هذه الحرب ولا نريد ان نرى التصعيد من طرف حزب الله او اي طرف آخر”. واضاف ” صواريخ حزب الله تؤدي الى تصعيد في المنطقة”. وسأل ويربيرغ “لماذا حزب الله المدعوم والمموّل من ايران يحاول أن يضع الشعب اللبناني في خطر كما فعلت “حماس” بالشعب الفلسطيني؟” وأكد أن “لا جديد في زيارة هوكستين ولا رابط بين مفاوضات ترسيم الحدود والوضع مع اسرائيل، وترسيم الحدود سيؤدي الى فائدة اقتصادية للشعب اللبناني”. وقال “سنقوم بمناقشات مع كل الاطراف لتحديد الوضع في المنطقة واطلاق الرهائن ودخول المساعدات”.

لعدم توسع الصراع: بدورها، قالت الخارجية الفرنسية: نُجدّد تمسكنا باحترام استقلال لبنان ونسعى لعدم توسّع الصراع في المنطقة.

لا تعديل: ليس بعيدا، نفى عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم ما يدور حول اتجاه لتعديل القرار 1701، وكشف أن “اجتماع لجنة الشؤون الخارجية النيابية مع المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا بحث في مسألة تطبيق القرار”، ونقل عن فرونتسكا نفياً لما يدور في الإعلام عن تعديل القرار. وأوضح هاشم في حديث اذاعي أن “البحث في لجنة الشؤون الخارجية امس تناول كيفية تطبيق القرار 1701 لا تعديله”، ولفت الى ان “فرونتسكا دعت الى تجديد اللقاء ليكون النقاش على نطاق اوسع”.

الراعي في الجنوب: وسط هذه الاجواء، اعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن “الحرب المدمّرة غير محصورة في غزّة ونخاف من امتدادها وما نراه لا يخضع لأي شرعة دولية أو إنسانية ونحن نريد السلام”. وأضاف الراعي خلال زيارته مطرانية صور المارونية، في إطار جولة تضامنيّة مع الجنوب: “السلام عطية إلهية والمنطقة تدفع ثمن حرب ضروس ليس فيها أي احترام لحقوق شعب وسنزور المراجع الإسلامية والمسيحية في المدينة كي نقول للجنوبيين نحن معكم وإلى جانبكم”. وتابع: “القرى الجنوبيّة تعيش تبعات الحرب على غزّة وجئنا لنوجّه تحيّة إلى كلّ أبناء البلدات من دون استثناء وكنا نتمنّى زيارة مختلف البلدات لكنّ الأوضاع لا تسمح بذلك”. وأردف: “كل البلدات تعيش اليوم تبعات الحرب على غزة، واضطر اهالي البلدات الجنوبية الى ترك منازلهم، ونوجه التحية لكل البلدات والاهالي الذين هم اخوتنا وأهلنا وندعو لحماية الوطن والاهتمام. وعلينا أن نعمل من اجل القضية الفلسطينية التي عمرها 75 سنة، ونعلن أننا بثقافتنا الروحية واللبنانية لا نرضى أن تشطب هذه القضية بلحظة سريعة بل نسعى للسلام الدائم”. وختم الراعي “هنا، من صور نوجه التحية لاهالي غزة، وأن حل الدولتين هو المطلوب وهو الذي يحقق السلام وسنعمل على أن نكون صانعي السلام

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version