أمّا وقد قال الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله كلمته المنتظرة، فالسؤال ماذا بعد هذه الكلمة؟ والى أين يتجه لبنان خصوصاً في ظل الانقسام الداخلي الذي تفاقم بشكل جلي بعد عملية “طوفان الأقصى” حيث انتقد البعض السيّد إذ بات البلد تحت عباءته مرهوناً لمواقفه وأجندته داخلياً وإقليمياً، فيما وصف البعض الآخر كلمته بالواقعية، ما استفز الكثيرين حول هذه الواقعية التي تكلم عنها، مع الإشارة الى أن المعطيات السابقة للكلمة أشارت الى عناوينها ربطاً بمعلومات وأجواء تشي بأن قواعد اللعبة مضبوطة؟ يُنقل عن بعض الذين التقوا بمسؤولين أميركيين أن خطاب نصرالله ليس نهاية المطاف بالنسبة للأميركيين والإسرائيليين وتصفية الحسابات معه لم تنته ولبنان هو الحلقة الأضعف وسيبقى يدفع الأثمان والفواتير، فالأزمة طويلة وتداعيات حرب غزة ستكون كلفتها كبيرة على هذا البلد الذي تبيّن بالملموس أنه ممسوك من الحزب، والأيام المقبلة ستشهد تطورات كبيرة ربطاً بالاتصالات الجارية على أعلى المستويات، وبمعنى آخر إن عملية “طوفان الأقصى” أسّست لواقع جديد في المنطقة لحين تبلور الصورة وانتهاء الحرب فالكلفة كبيرة ميدانياً، فيما التحولات لن تكون سهلة في إطار الفرز الديموغرافي والترانسفير وكل ما يرتبط بارتدادات هذه الحرب.

توازياً، تشير مصادر سياسية عليمة الى أن الترقب سيّد الموقف على أكثر من خط بدءاً بالعمليات الميدانية في غزة وأي مدى ستبلغه والأمر عينه لجبهة الجنوب، إذ هل ستبقى ضمن سقف خطاب السيّد أم تفلت الأمور من عقالها ولا سيما أن أكثر من فصيل فلسطيني وأصولي بات منتشراً على الحدود الشمالية مع إسرائيل وكأن القرار 1701 أضحى خارج اللعبة ولم يعد له أي قيمة من خلال انتهاكه يومياً ما يعيد بالذاكرة القرار 425 وسائر القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة والأوضاع ذاهبة باتجاهات سوداوية ما دامت حرب غزة مستمرة بفعل الإبادة التي ترتكب بحق الفلسطينيين والتماهي الأميركي – الأوروبي الداعم لإسرائيل والذي يشكل غطاءً ومظلة واقية لاستمرارها في التمادي بإجرامها ومواصلة سياسة الأرض المحروقة.

وترى المصادر من خلال مواكبة الاتصالات الجارية في غير اتجاه، أن القمة العربية قد تكون العنوان الأبرز لمواجهة إسرائيل وحض المجتمع الدولي لردعها عن مواصلة القتل الممنهج للعزّل والأبرياء وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، فضلاً عن أن لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بوزير الخارجية الأميركي توني بلينكن أبرز أهمية الاتصالات التي يقوم بها ميقاتي عربياً وغربياً، وثمة معلومات عن مواصلة جولته الى أكثر من عاصمة عربية وأوروبية، ولعل مشاركته في قمة الرياض، ستكون محطة ذات أهمية لشرح معاناة لبنان على كافة المستويات والأخذ بواقعه الراهن سياسياً واقتصادياً وعدم قدرته على مواجهة قرار الحرب الخارجة عن إرادته.

وبالعودة الى قمة الرياض وتحييد لبنان، عُلم أن استياءً بدأ يتغلغل الى صفوف الدول الخارجية بعد لوم السيّد نصرالله الحكام العرب ونُصحهم بما يجب أن يقدموا عليه حيث قال وزير خارجية خليجي لصديق لبناني قديم “الأمر المضحك المبكي أننا ما زلنا نتابع خلية العبدلي وما كان يخطط للكويت لضرب استقرارها ما ينسحب على معظم دول الخليج حيث دعم السيّد خلايا وقوة تابعة له ومن هم يدورون في فلكه من أجل زعزعة الاستقرار في الخليج، فيما نحن الأحرص على القضية الفلسطينية ونعلم علم اليقين من حاول تصفيتها وضرب القرار الوطني الفلسطيني المستقل، إضافة الى أنه يُبدي استياءه ممّن يُعتبرون حلفاء وأصدقاء تاريخيين من الخليج ويتحدثون عن اللامبالاة السعودية والعربية عموماً، بينما الجميع على دراية تامة بكل ما أحاط بعملية “طوفان الأقصى” وما بعدها بمحطات يتنصل منها “حزب الله” ويبرئ إيران نيابة عنها بأنهم سمعوا بها من الإعلام وهذا استخفاف بعقول اللبنانيين والعرب”.

وأخيراً، حيال هذه الأجواء فالساحة اللبنانية ما زالت قبل وبعد كلمة الأمين العام لـ”حزب الله” عرضة لكل الاحتمالات إن على صعيد تسخين الجبهة الجنوبية ربطاً بدخول أكثر من جهة مسلحة على الحدود وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل ربما “حزب الله” على خلفية الميدان في غزة يُشعل الجبهة وإن كانت المعطيات الراهنة تؤكد استمرار قواعد اللعبة دون أي خرق لها، لكن في ظل حرب غزة وتحول المنطقة الى أجواء حرب حقيقية وما تحالف واشنطن وسائر العواصم الأوروبية، إلا مؤشر بأن كل الاحتمالات تبقى واردة، والبلد ليس بمنأى عنها في ظل واقعه المأزوم على كل المستويات.

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version