من يراقب الاحداث الميدانية جنوب لبنان منذ اندلاع معركة طوفان الاقصى الى اليوم، يكتشف أنه بدلا ان يكون “حزب الله” هو المبادر نحو التصعيد والتدحرج، تظهر اسرائيل كصاحبة المبادرة الاولى، فهي من استهدف عناصر “حزب الله” ما ادى الى استشهاد ستة منهم منذ اليوم الاول، وهي من بادر الى إستهداف الصحافيين والمدنيين، في حين ان الحزب يواكب التصعيد الاسرائيلي بتصعيد مواز.

ووفق هذا الاسلوب، يبدو ان اسرائيل ايضا قررت توسيع نطاق المواجهة نحو العمق اللبناني واستهدفت بغارة مناطق شمال الليطاني، وهو تطور قد يكون الأخطر منذ اندلاع الاشتباكات، على اعتبار ان رد الحزب، اذا تجاوز الجليل، ووصل الى المدن الرئيسية في الوسط، فلن يكون ضبط الايقاع بعد ذلك ممكنا.

داخل الحكومة الاسرائيلية وبين اصحاب القرار في تل ابيب من لديه قناعة أن الفرصة اليوم هي الأنسب لبدء معركة ضد “حزب الله”حتى لو توسعت الحرب اكثر من ذلك، اذ ان الحشد الدولي العسكري والسياسي غير مسبوق وقد لا يتكرر، لذا فإن تل ابيب ستكون مستفيدة منه بشكل او بآخر وستحاول عبر حلفائها لجم الحزب وحلفاءه في المنطقة لسنوات طويلة مقبلة.

ومن وجهة نظر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن ما حاول فعله في السنوات الماضية من استدراج الولايات المتحدة للحرب مع ايران او لتوجيه ضربة عسكرية لها، سيكون متاحاً في حال انزلقت الامور عند الجبهة الجنوبية مع لبنان، لذلك يظهر الجيش الاسرائيلي، بعكس المتوقع، اكثر جرأة بالتعاطي مع الجبهة اللبنانية، بالرغم انه فاقد للمبادرة العسكرية، حتى ان الحزب استطاع احتواء خسائره في الايام الماضية وتطوير تكتيكاته في المواجهة.

تدرك تل ابيب ان تحديد الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله موعداً بعيدا نسبيا لخطابه يعني أن الأيام الفاصلة عن الخطاب ستكون مليئة بالتطورات التي سيبني عليها كلامه، لذلك فإن الدفع نحو التصعيد من خلال غارات وعمليات متفلتة من قواعد الاشتباك القليدية، محاولة واضحة لاحراج الحزب وامينه العام وجره نحو جولة تصعيد كبيرة.

من الواضح ان نتنياهو لا يستمع للنصائح الداخلية التي ينقلها له بعض مستشاريه العسكريين، اذ ان طريقة عمل الجيش الاسرائيلي في غزة، وان كان لا يوحي بالذهاب نحو عملية عسكرية برية واسعة، الا انها تظهر الاصرار على تحقيق انجاز ميداني غير شكلي، وهذا عمليا، بالإضافة الى التطورات اللبنانية، ستجر المنطقة الى تطورات بالغة التعقيد، أقله على الجبهة مع لبنان.

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version