جاء في “سكاي نيوز عربية”:

وسط قلق متزايد، تستعد إسرائيل لشن عملية برية واسعة في قطاع غزة رغم تأجيلها موقّتا بطلب أميركي، لدعم جهود إطلاق الرهائن لدى “حماس”، في وقت حذّرت تقارير غربية من شبكات الأنفاق المعقّدة والأكمنة التي نصبتها الحركة الفلسطينية في جميع أنحاء شمال غزة.

وأعلن البنتاغون، الثلثاء، إرسال مستشارين عسكريين، بما في ذلك الجنرال جيمس غلين، من مشاة البحرية “المارينز” والمتمرّس في حرب المدن، إلى إسرائيل للمساعدة في التخطيط للحرب، كما تُسرّع واشنطن من إرسال أنظمة دفاع جوي متطوّرة “ثاد” و”باتريوت” إلى الشرق الأوسط قبل أيام من الهجوم البري المتوقّع.

حصار بيروت الغربية

في تحليله لأسباب إرجاء الاجتياح البري لغزة ولو بشكل مؤقت، يرى الكاتب الأميركي مايكل يونغ، أن إسرائيل ليست مستعدَّة لدخول كل بيت من بيوت غزة والقبض على عشرات الآلاف من الشبّان الذين يُشتبه بأنهم أعضاء في حماس، ونقلهم إلى إسرائيل، لأنه أمر مستحيل تحقيقه، إضافةً إلى ذلك، لا يبدو هناك تناغم بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بشأن أهداف هذه العملية.

أضاف الكاتب الأميركي أن الجيش الإسرائيلي يدرك أيضا أنّ الدخول في متاهة غزة وشوارعها المليئة بالأنقاض سيكبّده خسائر كبيرة في صفوف جنوده وهم يخوضون المعارك ضد مقاتلي حماس الذين يتمتّعون بأفضلية القتال على أرضهم، في وقت لا تزال أهداف العملية الإسرائيلية “مُبهمة ومُفرطة الطموح، وترتكز على تصوّر خاطئ لما سيتقبّله المزاج الإقليمي والعالمي”.

يقول معهد كارنيغي للشرق الأوسط، إنه من المحتمل أن يجرّب الإسرائيليون، خلال اجتياح غزة، تكتيكا آخر يتمثّل في تكرار نموذج حصار بيروت الغربية عام 1982، موضّحا أنه:

خلال هذا الحدث، أحكمت القوات الإسرائيلية الطوق على القيادة الفلسطينية في الجزء الغربي من العاصمة اللبنانية وقطعت إمدادات المياه والكهرباء ومعظم المواد الغذائية.

كان هدف الإسرائيليين إرغام الفلسطينيين على الخروج من بيروت وقد نجحوا في تحقيق ذلك.

الحصار استمر 3 أشهر تقريبا، لكنّ الفلسطينيين لم يغادروا إلّا بعد مفاوضات شاقة، رغم أن إسرائيل امتلكت اليد العليا عسكريا.

خرج الفلسطينيون ولم يتم القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية أو إنهاء وجودها في لبنان، كما خططت إسرائيل.

تلك التجربة إن حاول الإسرائيليون تكرارها في غزة، قد تستغرق وقتا أطول، ومن المستبعد في نهاية الأمر أن يتم القضاء على حماس.

مواجهات على غرار الصومال والفلوجة

أجمع خبراء استراتيجيون وعسكريون على صعوبة الاجتياح البري لقطاع غزة في ظل تمترس عناصر حماس في المدينة وبناء التحصينات اللازمة منذ عام 2017.

في هذا الصدد، نقلت صحيفة “بوليتيكو” عن الجنرال دايفد بترايوس، المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، قوله إن الهجوم البري الإسرائيلي سيستمر أعواما، و”حال توغّل إسرائيل برا في غزة ستواجه وضعا أصعب من الذي واجهته القوات الأميركية في الصومال، وستُقابَل بهجمات انتحارية وعبوات ناسفة ومفخخات وكمائن”.

كما قال بروس هوفمان، الخبير الأميركي في مكافحة الإرهاب، إن الصعوبات في غزة أكبر كثيرا من تلك التي واجهتها الولايات المتحدة في معركة الفلوجة في العراق، لأن “حماس” كانت أمامها عدة أعوام للاستعداد، وفق الصحيفة الأميركية.

مخاطر مرتفعة

قالت دراسة مصرية، نشرها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، الإثنين، إن الصواريخ التي تمتلكها الفصائل الفلسطينية ستكبّد إسرائيل خسائر فادحة، مضيفة أن:

الفصائل الفلسطينية تمتلك صواريخ “كورنيت” المضادة للدبابات، وهي ذات قدرة تدميرية للآليات المدرعة، بما فيها دبابة “المير كافا” التي تعتمد عليها إسرائيل في هجماتها البرية.

الجيش الإسرائيلي أخفق في التوغل البري في غزة خلال حرب “الجرف الصامت “عام 2014.

وجود متسللين داخل منطقة غلاف غزة، سوف يرفع من كلفة تقدّم القوات الإسرائيلية نحو القطاع بريا.

العملية ستتسبّب في إلحاق خسائر كبيرة بصفوف الجيش الإسرائيلي، خاصة أنها يمكن أن تمتد زمنيا في حال صمود المقاومين، وما قد يتبعها من حرب شوارع، خاصة مع أهمية أنفاق غزة.

عدم جاهزية إسرائيل

على صعيد متصل، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق من افتقار إسرائيل إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق في غزة، ومن أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا بعد لشن هجوم بري بخطة يمكن أن تنجح.

يرى الكاتب الأميركي بيتر أليكس، خلال حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن المؤشرات جميعها على الأرض وبعد التحشيدات العسكرية الإسرائيلية غير المسبوقة قرب غزة، فإن موعد الاجتياح البري يقترب، وأن تأخره يتعلق بحسابات الموقف السياسي والعسكري في إسرائيل.

إسرائيل ستُنفّذ هجومها البري في أغلب الأحوال وإن كانت جغرافيا غزة أحد المعوقات التي تواجه عمليتها العسكرية.

تمترُس حماس في الخنادق والأنفاق يؤشّر على أننا أمام معركة صعبة وطويلة الأمد في غزة.

الجيش الإسرائيلي اعتاد الحروب الخاطفة والعمليات الصغيرة وليس الحروب التي تحتاج إلى مدة طويلة مثلما حدث في معركة لبنان في صيف 2006.

عدم إعلان إسرائيل أهدافا محددة أو مسارا عسكريا واضحا لمستقبل تلك الحرب، دفع الأميركيين إلى توخّي الحذر وإرسال مستشارين عسكريين لتقديم المشورة والتخطيط.

تل أبيب تخشى توسّع الحرب باشتعال الجبهة الشمالية مع حزب الله في لبنان أو دخول إيران رغم التصريحات المتواترة للمسؤولين الإسرائيليين بشأن إمكانية الحرب على عدة جبهات.

الأميركيون يُدركون جيّدا أن اجتياح قطاع غزة يزيد احتمالات اندلاع حرب إقليمية أو استهداف القوات والمصالح الأميركية في المنطقة.

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version