بعد مؤتمره الصحافي، توجّه النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري إلى السراي الحكومي لحضور قسم من اجتماع مجلس الوزراء، وركّز في مداخلته على توقف المركزي عن تمويل الحكومة إلا بموجب تغطية تشريعية من المجلس النيابي، وبسقف مالي ومدة زمنية محدّدين، مشترطاً أن يتمّ ذلك خلال ستة أشهر، مع إقرار أربعة قوانين إصلاحيّة طلبها صندوق النقد الدولي، وهي: قانون الكابيتال كونترول، وموازنة عام 2023، بالإضافة إلى قانونَي إعادة هيكلة القطاع المصرفي واستعادة انتظام القطاع المالي. وتوجّه إلى الوزراء قائلاً: انتم الآن أمام آخر عملية اقتراض بالدولار من المصرف المركزي. حدّدوا احتياجاتكم بدقة، وأرسلوا لنا مطلبكم من خلال قانون يصدره مجلس النواب.
وحضّ منصوري وزراء التقاهم خارج القاعة على إقرار مشروع القانون المعجّل الذي يرمي إلى الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية ومن التوظيفات الإلزامية لدى مصرف لبنان ضمن شروط محددة، سريعاً «واليوم» (أمس). إلا أن الوزراء استمهلوا حتى الخميس لإعطاء موقف نهائي للتشاور مع مرجعياتهم السياسية، ما أثار أسئلة كثيرة حول وجود قطبة خَفية.
إلا أن مصادر وزارية قالت لـ”الاخبار” إن «المشروع لم يُطرح للتصويت عليه، بل كان مسوّدة جرى إطلاعنا عليها لدراستها، وطبيعي أن ندرس أي مشروع قانون». وأكّدت «أننا لم ندخل في أرقام مع منصوري»، نافية ما قيل عن مبلغ الـ800 مليون دولار، فالكلفة «لن تتجاوز الـ 600 مليون دولار». وقالت المصادر إن «منصوري ظهر واثقاً من موقفه ومتماسكاً جداً»، لافتة إلى أن «بعض الجهات الحكومية متردّدة حيال فكرة أن الاقتراض سيكون من الاحتياطي الإلزامي، أي من أموال المودعين، من دون أن تكون هناك ضمانات بإعادتها من عمليات السوق». وأشارت إلى جلستين ستُعقدان اليوم والخميس لاستكمال البحث.
وينص مشروع القانون المُعجل على الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية من مصرف لبنان ومن التوظيفات الإلزامية لديه، بمبلغ ومدة محددين، على الأقل، ضمن شروط، من بينها أن يكون القرض لمرّة واحدة قابلاً للتجديد لمرة واحدة فقط، وأن تقوم الحكومة بكل ما يلزم للحدّ من احتياجها إلى المصرف المركزي من خلال تفعيل الجباية وتحصيل الأموال، وإعطاء الأولوية في الإنفاق من أموالها المحصّلة وألا تعتمد على مصرف لبنان ولا تستعمل القرض إلا في حالات الضرورة، وفي كل ما من شأنه منح الاستقرار المعيشي لموظفي القطاع العام والفئات الأكثر هشاشة، وتوفير الأدوية والاحتياجات الضرورية للمرضى، إضافةً إلى تأمين احتياجات الدولة الأساسية واحتياجات القوى المسلّحة والأمنية وسائر مُستلزمات عمل الإدارة فضلاً عن تدخل المصرف المركزي في سوق القطع للحفاظ على الاستقرار النقدي. كما يتضمّن مشروع القانون العمل على إعادة هذه الأموال خلال فترة ثمانية عشر شهراً سواء من مداخيل الدولة أو من خلال تدخل مصرف لبنان شارياً وبائعاً للعملات الأجنبية وفقاً للمادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف، على أن يجاز للمصرف المركزي، مع الحفاظ على استقلاليته المنصوص عنها في قانون النقد والتسليف، المُوافقة على طلب الحكومة الاقتراض من التوظيفات الإلزامية، ويعود له تعليق القرض أو وقفه في حال تبيّن عدم الالتزام بإقرار القوانين الإصلاحية وخطة الحكومة وفقاً لما جاء في الأسباب المُوجبة. وتُحدد دقائق تطبيق هذه القانون وآليات إنفاقه بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية وبعد استطلاع رأي المصرف المركزي، وتُطلع الحكومة بشكل دوري (شهرياً) المجلس النيابي على تفاصيل إنفاق القرض.